الجمعة 29 مارس 2024
الرئيسية - تقارير وحوارات - كيف أقامت دولة في الشرق الأوسط واحداً من أغنى الاقتصادات باستخدام المهاجرين؟
كيف أقامت دولة في الشرق الأوسط واحداً من أغنى الاقتصادات باستخدام المهاجرين؟
قطر
الساعة 05:56 مساءً

في العديد من دول الخليج، كان السكّان المحليون أقليّة على مدى عقود. لكن لا يزال حجم الهجرة في المنطقة قابلًا لإثارة الدهشة.

ومن الأمثلة على ذلك قطر، الإمارة الخليجية الصغيرة التي تستضيف كأس العالم عام 2022. ويبلغ سكّان البلاد نحو 2.6 مليون نسمة، لكنّ 313 ألفًا منهم فقط (حوالي 12% من إجمالي السكان) من حاملي الجنسية القطرية، وفقًا لبحث قام به «جيور سنوج».



ويتم التفوّق على عدد السكّان المحليّين بسهولة من قبل 650 ألف هندي (25% من السكّان) و350 ألف نيبالي. وتوجد جاليات كبيرة أخرى من بنجلاديش والفلبين ومصر وسريلانكا وباكستان. وفي الواقع، يمثل مواطنو 4 فقط من هذه الدول، وهي الهند ونيبال وبنغلادش والفلبين، أكثر من نصف عدد سكّان البلاد.

والجالية الأكبر من خارج الشرق الأوسط أو آسيا هي الجالية البريطانية، والذين يقاربون 25 ألف شخص، أكبر بقليل من 1% من إجمالي عدد السكّان. ويوجد أيضًا على الأقل 10 آلاف صيني و7500 نيجيري و5 آلاف أسترالي وألفا روسي.

وفي الوقت الذي يتعرّض فيه المهاجرون للاستهداف من الدعاية السلبية في الغرب، تساعد هذه الأرقام في تقديم منظور للمشاكل المتصوّرة التي تواجه الولايات المتّحدة والدول الأوروبية. وفي حين يمثّل الأجانب 88% من الأشخاص الذين يعيشون في قطر، 13% فقط من سكّان الولايات المتّحدة ولدوا خارجها، ويصل الرقم إلى 12% في المملكة المتّحدة. وتوجد أكبر نسبة من الأجانب في دولة ضمن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في لوكسمبورغ، حيث تصل النسبة إلى 44%.

صنّاع الثروة

لقد كانت الهجرة حيوية للنمو الاقتصادي في قطر. وبدون خبرة هندسية أجنبية، لم تكن لتقدر على استغلال ثروتها من الغاز الطبيعي الوفير. وبدون العمالة الأجنبية، لم تكن ناطحات السحاب قد شيّدت في منطقة الخليج الغربي بالدوحة.

ويمكن للبلاد هذه الأيام التفاخر بواحد من أعلى معدّلات دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العالم. وقد وصل إلى 60,734 دولار عام 2016، كسادس أكبر معدّل في العالم وفقًا لصندوق النقد الدولي. وقبل عدة أعوام حتّى كانت النسبة أعلى، فقد وصلت عام 2012 لتصبح واحدة من الدول القليلة التي حقّقت رقمًا من 6 أرقام عند 103,606 دولار للفرد. وللمقارنة، كان معدّل دخل الفرد في الولايات المتّحدة 51,385 دولار عام 2012، و57,294 دولار العام الماضي.

ومع ذلك، فإنّ هذه الثروة بعيدة عن التوزيع العادل. فغالبية المهاجرين يعملون في قطاع البناء حيث يواجهون ظروفًا سيئة. وقد تمّ العمل على إصلاحات لتحسين الأوضاع العام الماضي، لكنّ منظّمة العفو الدولية قالت أنّ التغييرات «بالكاد تخدش سطح المشكلة، وتستمر في ترك العمال المهاجرين، ومن بينهم هؤلاء الذين يبنون الاستادات والبنية التحتية من أجل كأس العالم، تحت رحمة أرباب العمل الاستغلاليين وخطر العمل القسري».

الأنماط الإقليمية

غالبًا ما تخضع مثل تلك المعلومات المفصّلة في المنطقة للرقابة عن كثب، وتعتبر حسّاسة سياسيًا واجتماعيًا. وقد جمع «سنوج» هذه البيانات معًا من خليط من المصادر وهي غير مكتملة لا محالة. وتضمّنت مجموعة البيانات 87 دولة. وكما يعترف «سنوج»، فلا يعني أنّ دولة ما لم تدرج في القائمة أنّ مواطنيها لا يعيشون في قطر، هو فقط لم يستطع الحصول على المعلومات.

وليست قطر الحالة الوحيدة التي تعتمد على العقول والسّواعد الأجنبية، فالسكّان المحليّون أقلّية أيضًا في الكويت والإمارات والبحرين، على سبيل المثال. ومع ذلك، لا يعمل هذا النمط المتكرر من عيش السكّان المحليّين أقلية في بلادهم دائمًا بشكلٍ جيّد.

وفي الأسابيع الأخيرة، اشتكى سياسيّون كويتيّون جهارًا حول عدد المهاجرين، وطالبوا الحكومة بفعل شيءٍ حيال الأمر. ومع ذلك، فشل النقاش الذي كان من المفترض أن يجرى في 2 فبراير/شباط، بعد أن لم يكتمل نصاب العدد المطلوب من البرلمانيين للمناقشة حول الموضوع.

وفي السعودية، بدأت حملة ضدّ العمّال الأجانب عام 2013، ووردت تقارير عن ملايين العمّال الذين طردوا من البلاد في محاولة لتوفير مزيد من فرص العمل للسكّان المحليّين.

لكن على الرغم من هذه السياسات الشعبوية، ليس هناك شك أنّ المنطقة ستصبح أكثر فقرًا، وستبدو مختلفة كثيرًا، إذا لم تكن قد اعتمدت على المساعدة الأجنبية.


آخر الأخبار