الجمعة 19 ابريل 2024
الرئيسية - كتابات - " Arab Idol" والهُوية اليمنية
" Arab Idol" والهُوية اليمنية
*د. فارس البيل  ناقد ثقافي وأكاديمي يمني
الساعة 08:10 مساءً
بقلم د./ فارس البيل   ناقد ثقافي وأكاديمي يمني منذ سيل العرم ..واليمنيون يفتشون عن فرحة تَلمُّ فزع قلوبهم الذي بثه التاريخ والجغرافيا والسياسة وأشياء أخرى كثيره .. وفي العصر الحديث .. لم تكن معاناتهم أقل ولا حظهم العاثر تبدد، في زمن التسابق والنهوضض الحضاري الذي يبدو أنه جافى اليمن وزواها بعيدة عن كل نعمائه، إلا من المشكلات والأسى فلم يكن بخيلاً إزاءها.. ومنحها الكثير من العثرات . ظل اليمنيون على الدوام يبلعون غصتهم، ويكابدون لأجل أن يتفوقوا على واقعهم.. وإن كان العناءء هو من يتفوق دائمًا. تبعاً لهذا ..كل ما فتحت نافذة تعني الهوية اليمنية، أو تمثلها، تناسى اليمنيون تمزقاتهم.. وأسرعوا الىى التقاط الفرحة من كُوة الضوء القصيّة؛ حدث هذا بالتفاف كبير مع ما لا ينتمي للسياسة.. مع الرياضة مثلاً؛ شجعوا فريقهم الأضعف وآزروه في مراحل عدة، كما شجعوا الحدث الرياضي ببسالة وإدهاش وإن كانوا الأخسر كما حدث في خليجي 20 لأنه أُقيم بينهم في مدينة عدن.. وأذهلوا العالم بحضورهم وتشجيعهم، وكأنهم يريدون إثبات أنهم على قيد الوجود، وينتمون لهذا العصر بمباهجه حتى وإن خذلتهم الأقدار .. التفوا حول شباب موهوبين تقدموا لبرامج الغناء في غير اليمن، وكان اليمنيون الأكثر تشجيعًا و دعمًاا رغم فقرهم.. حدث ذلك مع موهوبين يمنيين في الشعر وفنون ومسابقات أخرى ... كأنما يسابقون خذلانهم بما تيسر لهم من حياة .. الملفت أنهم نَحّوا السياسة جانبًا، واختلفوا حول نجومها ، وإن برزوا في محافل دولية .. لكنهم بحثواا عن مكامن الفرح الأخرى كالفنون وغيرها واستبسلوا في إثبات هويتهم عبرها، ولو كان من يمثلهم فيها متواضعو القدرات.. كما لو أنهم يعاقبون السياسة وأهلها، التي فعلت بهم السوء، ولم تجلب لهم سوى الخراب . اليمنيون كرماء .. ربما هم أكرم الشعوب وهم أفقرها في آن .. اليمنيون سريعًا ما يتعالون على جراحهمم وإن كانت غائرة .. ولا يريدون من الحياة والعصرية سوى لحظة فرح وراحة بال مؤقتة، ليعودوا لأساهم بكل يسر ورضا. كانوا أكثر المتبرعين لشعوب منكوبة أخرى ، بالمال وخلافه، وإن كانت نكبتهم أفدح .. حدث هذا فيي تضامنهم وتبرعهم لفلسطين مثلاً وللبوسنة وغيرها الكثير في مراحل متعددة.. إنهم يتمسكون بأي دور يمكن أن يُخرجهم من الزاوية الضيقة في أقصى الجزيرة العربية، أو على الأقلل يقول أنهم هنا.. يحاولون الحياة .. وفي أسوأ أزماتهم التاريخية على الإطلاق.. وهم يعيشون تحت تصنيف انعدام الأمن الغذائي،، ووصلت مستويات الفاقة الطارئة عند أكثر من 80% من السكان بفعل الحرب والصراع، درجة أن اثنين من كل ثلاثة يمنيين بحاجة لمساعدات عاجلة، في أكبر كوارث الإنسانية في العصر الحديث.. ومع ذلك يلتف اليمنيون بحماس شديد حول متسابق يمني يشترك في البرنامج الشهير "عرب آيدل" رغم أنه برنامج يندرج ضمن قائمة الرفاهية، وقد لا تتابعه الشعوب المرفهة بحماس وإسناد كما يفعل اليمنيون.. ليشتد تباين اليمنيين حول أداء عمار العزكي عقب كل حلقة يؤدي فيها، وربما تحولت قضية التصويتت له كما لو إنها إحدى قضايا الأمن القومي اليمني.. قد لا يكون هو الأفضل في تمثيل الفن اليمني الأكثر ثراءً وتنوعًا في المنطقة، لكن اليمنيين وجدوا ما يعبرون به عن ضيقهم من السياسة والصراع، وما يواجهون به تجاهل العصرنة والتطور لهم . في أشد أزمة اليمنيين؛ كانت أشد حملاتهم لبذل المال - غير الموجود أصلا- لأجل إسماع صوتهم للعالمم الذي يتجاهلهم، وإن كان عبر صوت شاب يغني بخبرة بسيطة وأداء متواضع بالمعايير الفنية والذائقة الموسيقية.. تباينوا حول أدائه ..وحتى من تحمسوا له فلديهم قناعة في داخلهم أنه أقل من طموحهم وتراثهم ..لكن المتحمسين لعمار ..وغير المتحمسين لطبيعة حضوره اتفقوا جميعهم على أن اليمن هناك.. وأحرف اسمها تنطق عبر الشاشات، وزيّها يحضر ويلفت الانتباه.. وسيمفونياتها تعزف.. حتى وإن سُرقت وتحولت تراثًا لغيرها.. وربما خجل كثيرون من التصريح بالانتماء لليمن، ليس لسبب سوى أن ذكر ذلك قد يبدو غريبًا على بلد منكوب، فالأفضل التعلق بما لا يجلب النحس.. أو قريبا من هذا. فهل فَهِم الساسة هذه الرسالة من اليمنيين؟ هل أدرك العابثون في اليمن أن بها شعبا يستحق الحياة،، ويتطلع لنبذ خيباتها ونبذ كل من يصنعها؟.. وباليمن من القيم الغنية التي فقدتها شعوب تمرغت بالنعيم ما تعجز علوم الاجتماع ونظريات التطور في تفسيرها .. هذا شعب صبور.. مكابد.. وصموت ..يحب السلام؛ يحتاج إلى إدارة ..فقط توقف عجلة الدمار ، وتفتحح النوافذ وحسب ... وهو سيتكفل بالضوء من داخله ليس من الشمس حتى .. سيملأ الحياة بالغناء والفن والإبداع والفرح ..وإن كان لا يملك ما يأكل . خرج اليمنيون إلى العالم يسابقون الحضارة فاتحين وتجار ومبدعين وكرماء ..وما تزال بطونهمم خميصة، خرجوا إلى الحياة ولا يملكونها.. وأرادوا لها أن تعيرهم لحنها و جزءًا من إشعاعها . كتبت الأقدار عليهم العناء؛ وخذلهم العرب والعالم بجوار ذلك أيضًا، ورأوا في اليمني فقيرًا معدومم الحيلة، وزادوا من التضييق عليه فوق ضائقته، ربما أن الذنب على اليمنيين أنفسهم، لكنه ليس كل الذنب ، الذنب الحقيقي أن اليمني حي في قبره ، يعيش داخل موته، والساسة يُشيعونه كل يوم.. وليس من حيلة لإنقاذه سوى فتح التابوت الذي يقبع فيه، وهو كفيل بعد ذلك بأن يمنح الحياة ذاتها حياةً من روحه المقاوِمة ! بقلم د./ فارس البيل   ناقد ثقافي وأكاديمي يمني

آخر الأخبار