الجمعة 29 مارس 2024
الرئيسية - أخبار بوابتي - جنرال سعودي يكشف ما قاله خامنئي عن السعودية والاستيلاء على الخليج
جنرال سعودي يكشف ما قاله خامنئي عن السعودية والاستيلاء على الخليج
السعودية وإيران
الساعة 05:21 مساءً
  روى الجنرال السعودي المتقاعد "أنور عشقي"، مستشار مجلس الوزراء الأسبق، ما حدث معه خلال زياراته لإيران. وكشف عشقي في مقاله المنشور بصحيفة "الدستور" المصرية عن "ماذا قال لي رجال خامنئى عن الحرب على السعودية؟". وفيما يلي نص المقال كاملا :

ماذا قال لي «رجال خامنئى» عن الحرب على السعودية؟

زيارتان لإيران قمت بهما فى حياتى، الأولى فى أواخر عهد الشاه محمد رضا بهلوى عام 1979م، بينما زيارتى الثانية كانت فى عهد خامنئى عام 2014 م، الأولى كنت فيها طالباَ بكلية القادة والأركان، وكانت الزيارة بغرض الاطلاع على الأحوال العسكرية فى إيران، تملَّكنى خلالها مزيج من الإعجاب، والوجل، والاستغراب. فلقد أعجبت فى زيارتى الأولى بالتقدم والتطور الذى حققته إيران فى المجالين العسكرى والمدنى، أما الوجل: فقد قرأت كتاباً قبل الزيارة تحت عنوان الصدام عام 1979 «the crash of 79» لمؤلفه الأمريكى بول إيردمان، وكان يحكى هذا الكتاب عن خطة إيران فى عهد الشاه للاستيلاء على الخليج عام 1979م. وفى أصفهان وجدنا فى المطار العسكرى غابة من طائرات الهيلكوبتر، ومعها أربع طائرات عملاقة 747، وسألت القائد الإيرانى: لماذا هذه الطائرات العملاقة؟ قال: لأنها تقوم بإمداد الطائرات «F5» المقاتلة بالوقود فى الجو، قلت له: إنَّ هذا يعنى أنكم تعدون الخطة، لتقاتلوا إلى مسافة ألفين وخمسمائة ميل، فما هى أهدافكم التى أنتم عازمون الوصول إليها؟ قال: اسألوا السياسيين. أما الاستغراب: فعندما قمنا بزيارة للمكتبة العامة، وجدت فى بهو المكتبة صندوقا من البللور، داخله كتاب الشاهنامة للفردوسى، وهو من الملاحم الشعرية الكبرى، وكان الكتاب لا يزال مفتوحاً على صفحة يقول الفردوسي فيها: «كيف للعرب الأنذال أن يُسقطوا إمبراطورية فارس العظمى، علينا أن نُعيدهم إلى الصحراء» عندها سألت الله أن يُعيد إيران إلى الأمة الإسلامية، لعلها تكون سنداً للأمة العربية. أما الزيارة الثانية، فكانت عام 2014م، وأنا فى مرحلة التقاعد، وأُمثل «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية». وفى الندوة الأسبوعية التى يعقدها المركز كل يوم أحد، كان السفير الإيرانى لدى منظمة التعاون الإسلامى «حميد دهقانى» يحرص دوما على حضور الندوة، وفى كل مرة، يُعبر عن موقف إيران، مؤكدا أنه لصالح العرب والمسلمين. وكنت أرد عليه، وأقول بأن إيران دولة شقيقة وصديقة، ولكن يؤسفنى أنها تسير فى الطريق الخطأ، فهى تدعو إلى الفارسية، وهذا سوف يتسبب فى تفكيكها، لأن الأذاريين ليسوا بفُرس، مثلما أن العرب ليسوا بفُرس، والأكراد ليسوا بفُرس، والبلوش كذلك، والتركمانستانيين أيضا ليسوا كذلك، مما سيدعو هذه القوميات للانفصال عن إيران، وهو ما أخذ يحدث الآن. كررت هذه الأقوال وقتها فى فندق هيلتون فى المطعم الإيرانى، عندما دعانى السفير المذكور وزملائى إلى العشاء، فقال لى: إذا جاءتك دعوة من إيران، فهل ستذهب؟ قلت: نعم سأذهب، قال: إذن سأتصل بوزارة الخارجية لتدعوك، وأرجو أن تقول لهم هذا الكلام. ما إن وصلت مطار طهران حتى أُصبت بالصدمة، فلقد وجدت المطار متواضعًا أشد التواضع، ولم أجد التنظيم الذى كنت أراه أيام الشاه منذ 35 عامًا، كما أنى شاهدت السيارات تسير فى الشوارع والعادم ينبعث منها، إيذانا بانتهاء صلاحية معظمها، سألت عن السوق التجارية الكبيرة «سوق قورش» التى كان ترتفع سبعة أدوار؟ قالوا: لم تعد قائمة!! ولم أجد حتى سوقًا واحدة حديثًة، رغم أن إيران كانت سباقة فى الأسواق الكبرى على مستوى دول الشرق الأوسط، عندها أدركت أن إيران تخلفت عما كانت هى عليه لخمسة عقود. التقيت خلال زيارتى بوكيل وزارة شئون الدراسات بوزارة الخارجية الإيرانية السيد سليمان بور، وكان مرنًا، ومتواضعًا، وحصيفًا، فكان يقول لى: إننا نرغب فى تحسين وتطوير العلاقة مع المملكة العربية السعودية، وكنت أقول له: إن ذلك سوف يحدُث إذا أوقفت إيران ممارساتها بالتدخُل فى الشئون العربية ودول الخليج، وإثارة الصراع الطائفى، كما التقيت بأربعة مراكز دراسات استراتيجية، وكنت أتكلم بصراحة، لأننى لستُ مبعوثًا رسميًا، ولا أُمثل سوى مركز الشرق الأوسط للدراسات، ومع ذلك، لم ألمس منهم نفورًا أو بغضًا، بل كانوا يتجاوبون مع ما أُبديه من رأى. انتهى بى وبزملائى المطاف، عندما التقينا بنائب وزير الخارجية السيد حسين عبداللهيان، فقد استقبلنا ببشاشة ودماثة، كان طويلًا، أنيقًا، تغمرهُ مسحة من الاستعلاء والكبرياء، التقى بنا عند مكتبه ومع مساعديه، وأخذنا إلى غرفة الاجتماعات. بدأ بالترحيب، واستعراض العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، وما يجمعهما من حسن الجوار، والدين، وانتهى بالقول: إننا مددنا يدنا للمملكة عشر مرات للمصافحة، لكن المملكة ترفض ذلك، قلت له: أوقفوا الحرب فى سوريا اليوم، وغدا ستجدون المملكة تمد يدها من فوق الخليج لمصافحتكم. رد علىَ قائلاً: نحنُ مُستاءون من تدخل المملكة فى البحرين، وسوريا، كما أننا لا ننسى دعم دول مجلس التعاون الخليجى للرئيس صدام حسين، الذى قتَلَ منا مائة وخمسين ألفًا. تناولت رشفة من القهوة التى قدموها لنا، ثم قلت له: أنت تتكلم باللغة الدبلوماسية، أما أنا فسأتكلم معك باللغة الاستراتيجية، لأعرض الحقائق أمامكم وأنتم تحكمون، قال: تفضل. قلت له: المملكة العربية السعودية كما أعرف، تقوم سياساتها الخارجية على ثلاثة أسس أنها لا تسمح لأى دولة صديقة أو عدوة بالتدخل فى شئونها الأمنية، مثلما هى لا تسمح تحت أى ظروف بالتدخل فى شئونها الدينية، ولا فى شئونها السيادية، وما عدا ذلك فيخضع للمصالح المشتركة، والمعاملة بالمثل. ثم قلت له: فى عام 1996 ميلادية، حدث تفجير إرهابى فى مقر سكن «الأمريكيين» بمدينة «الخبر» السعودية، راح ضحيته 19 أمريكيًا، حتى إن المبنى تم تدميره تماما، ووقتها طلبت الولايات المتحدة الأمريكية من المملكة العربية السعودية ضرورة مشاركتها فى التحقيق، لكن المملكة اعتذرت عن عدم تلبية الطلب، مبررة هذا الرفض بأنه شأن داخلى، وعندما كررت الولايات المتحدة الأمريكية طلبها للمملكة بالاطلاع على نتائج التحقيقات رفضت المملكة، مما أدى إلى جفوة بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية دامت سنتين، فلماذا رفضت المملكة وقتها طلب الولايات المتحدة بالاطلاع على نتائج التحقيقات. سألنى: لماذا؟ قلت له: لأن نتائج التحقيقات أكدت أن وراء تفجير سكن الأمريكان بمدينة الخبر بالسعودية، إيران وسوريا، وهو ما جاء فى أقوال المشاركين فى العملية الإرهابية أثناء التحقيقات، وقد هرب منهم ثلاثة إلى إيران، أحدهم «عماد مغنية»، الذى قتلته إسرائيل فى سوريا، واثنان لايزالان فى إيران، والمملكة هنا لم تخبر الولايات المتحدة الأمريكية وقتها بمن وراء هذه التفجيرات، لأن الولايات المتحدة انتقامها شديد، والمملكة كانت تخشى فى حالة علم الأمريكان بنتائج التحقيقات، من أن تندفع أمريكا إلى عمل انتقامى يكون نتاجه دمار سوريا وإيران، وهذا ما لا نرضاه. ثم قلت له: بالنسبة للبحرين، فقد تدخلت المملكة مع قوة درع الجزيرة بغرض حماية المنشآت الحيوية، وبطلب من مملكة البحرين، ثم سألته: هل تعلم لماذا تدخلت المملكة العربية السعودية فى البحرين، بادرنى قائلا: لماذا، قلت له: لقد كان الرئيس أوباما أول المعارضين والمحذرين للمملكة من التدخل فى البحرين، لكن الملك عبدالله لم يستجب له، بل سارع بإرسال القوات السعودية، لأن المملكة كانت تعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية تُغرى إيران بالتدخل فى البحرين، كما أغرت العراق بالتدخل فى الكويت، ومن ثم تُجَيش العالم للحرب على إيران، فالمملكة دخلت البحرين حماية لإيران من نفسها ومن الأمريكان. أما بالنسبة لهجوم صدام على إيران، فإن ويليام سيمسون ذكر فى كتابه «الأمير» الذى قدم له كل من نيلسون مانديلا ومارجريت تاتشر: إن صدام جاء إلى الملك فهد، ليقول له: سوف أهجم على إيران، فما كان من الملك فهد سوى أن حذره قائلا له: يا صدام، إنك تستطيع أن تعلن الحرب وحدك، لكنك لن تستطيع إيقافها وحدك، قال صدام وقتها: إننى على ثقة بأننى سأصل إلى مدينة «قُم» وسآتى بالخمينى من لحيته، قاطعه الملك فهد قائلا له: إنك لن تستطيع، سأله صدام: لماذا؟ صارحه الملك فهد قائلا: إن لدى إيران 70 مليون إنسان، قال صدام بإصرار: أنا على ثقة من نفسى، عندها قال الملك: طالما أنك خالفتنى، فلا تتجاوز الحدود الدولية، لكن صدام تجاوز الحدود وهذا ما أغضب الملك فهد. وعندما وصلت طائرتان إيرانيتان إلى حدود المملكة، لتقصف إحداهما منشآت أرامكو البترولية، والأخرى جاءت لتقصف مدينة جبيل الصناعية، أسقطتهما المضادات السعودية فى الخليج قبل الدخول إلى المياه الإقليمية، وقدمت المملكة الدعم لشعب العراق كى لا يعانى من ويلات الحرب. ثم قلت له: عزيزى السيد حسين عبداللهيان، لقد ذكر السفير «فريد هوف» بوزارة الخارجية الأمريكية منذ أسبوعين أمام الكونجرس الأمريكى، بأنه جاء إلى إيران وناقشها فى العلاقة البينية، فقالوا له بأن عدونا الحقيقى هو «السعودية» وليست إسرائيل أو أمريكا. عندها أرسلت إلى فريد هوف، وقلت له: نحن هنا بمركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية، نريد أن نُوَثق المعلومة، هل ما ذكرته أمام الكونجرس بأن إيران أخبرتك بأن عدوها الحقيقى السعودية وليس إسرائيل أو أمريكا صحيح؟ رد علىَ قائلًا ومؤكدًا: نعم لقد قالوا ذلك بمكتب نائب وزير الخارجية، أى المكتب الذى نحن فيه الآن، عندما كنا نناقش المسألة السورية. أخذت البريدين الإلكترونيين، وأرسلتهما إلى سفيركم فى جدة، وقلت له: أنت تقول لى بأن نحسن العلاقة بين البلدين، بينما فى إيران يقولون بأن عدونا الحقيقى هو السعودية وليس إسرائيل ولا أمريكا. أسقط فى يد عبداللهيان، وشعر هو ومن معه بالحرج، ثم قال: ما رأيك؟ نريد أن نفتح صفحة جديدة، فكيف؟ قلت له: بعد ثلاثة أيام من عودتى للسعودية، سوف أبعث لكم بخطة استراتيجية، إن سرتم عليها، فسوف تتحسن الأوضاع، وعدت إلى المملكة وبعثت له بالفعل بالخطة. وطلب من المملكة أن يسمحوا له بالقدوم لمناقشة الملفات العالقة، فتأكدت أنه يراوغ، ورغم كل ذلك، فتحت له المملكة أبوابها، لكنه ظل يراوغ، مما اضطر المملكة لغلق أبوابها، طالما أن إيران لم تتمتع بعد بالمصداقية.

آخر الأخبار