السبت 20 ابريل 2024
الرئيسية - كتابات - القيادات التي لا تستحي
القيادات التي لا تستحي
محمد عبدالله القادري
الساعة 06:30 مساءً
  للعام الثالث على التوالي ، وإعلاميو شرعية إب يعيشون أشد معاناة وأسواء حالة واصعب ظروف ، فهم مشردون مطاردون مختفون داخل محافظتهم التي تحكم الميليشيات الانقلابية قبضتها عليها ، ومحرومون من الحصول على أبسط مقومات الحياة ، فالإغاثة محرمة عليهم لأنهم ليس في محافظة محررة حتى يحصلوا على اي اغاثات من اي جهة ، والشمس والخروج محرم عليهم ايضاً خوفاً من رصدهم من قبل الميليشيات ويتم القبض عليهم ، فأصبحوا في حال يرثى لها ، يحتبسون داخل الغرف المعتمة ، يعانون الجوع والمرض والقهر والاكتئاب والإحباط ، ورغم كل معاناتهم فقد واصلوا معركتهم الإعلامية ضد الانقلاب وقاموا بتعرية جماعة الحوثي وفضح جرائمها وفسادها، واستطاعوا ان يخلقوا وعي كبير داخل صفوف أبناء محافظة إب ، ليرفضوا الانقلاب ويتعاطفون مع الشرعية والمقاومة ، ليتضح الأمر ان اقلام اعلاميون شرعية إب هي التي صمدت واستمرت في المواجهة ، مقارنة بمقاومة إب التي سرعان ما غابت عن الواقع وانتهت بشكل كامل ، ومع هذا تجد قيادات شرعية إب لم تقدر دور اولئك الإعلاميون ، وتحس بمعاناتهم وتشعر بظروفهم لتقدم يد العون لهم ، مما جعل إعلاميين إب ضحية الميليشيات التي لا ترحم ، وضحية قيادات الشرعية التي لا تستحي . شماتة الاعداء وتفويت فرصة التشفي لدى الخصوم ، هو ما جعلني متوقف عن كتابة مقال كهذا اشرح فيه معاناة إعلاميو الشرعية في إب طيلة هذه الفترة ، فخصومنا من الانقلابيين الذين يطلقون علينا "المرتزقة" ، عندما يعرفوا معاناتنا لن تتغير نظرتهم عنا ويقولون مساكين لقد كنا نتهمهم بالباطل ، ولكنهم سيفرحون ويشمتون ويقولون "تستاهلوا" ، ونظراً لاهمال قيادات شرعية إب لنا وعدم استجابتهم لمناشدتنا لهم بالاسلوب الخاص طيلة هذه الفترة ، اضطررت لأن اكتب مقالاتي اشرح فيها ما نعانيه وما نمر به من ظروف مدة عامين وهذا الثالث . فعندما تم تشكيل مجلس مقاومة إب في البداية قامت تلك القيادات بإستلام الدعم ولم تلتفت للإعلاميين .وعندما تم تشكيل مجلس عسكري رفضت قيادة المجلس ان تنقذ الإعلاميين وتحل مشكلتهم المالية المعقدة ، بل رفضت ان يتم الرفع بموضوعهم إلى القيادات الأعلى منها المسؤولة . وعندما تم تعيين محافظ للمحافظة ووكلاء ، لم تقم تلك القيادات بواجبها تجاه إعلاميين الشرعية او ترفع بموضوعهم للقيادات الاعلى منها . ليتضح أن أولئك القيادات الذين يعيشون في الفنادق والأماكن الآمنة يهمهم المال والمناصب ولا يهمهم إنقاذ إعلاميو إب الذين يرابطون في ميدان المحافظة يتقاسمون الموت والجوع والمرض ، ومتناسين ان اعلاميين الشرعية يمثلون الاعلام الحربي والاعلام الأخر في نفس الوقت ، فلم تحركهم ضمائرهم ليتعاملوا معنا برحمة وتقدير أثناء هذه الفترة التي نضب فيها ماء وجوهونا ونحن نشرح ظروفنا لتلك القيادات ، مما اتضح لنا اخيراً وبعد طول انتظار وطول معاناة ، ان قيادة شرعية إب لا تريد انقاذنا ورعايتها من ذات مسؤوليتها علينا ، ولا تريد إن ترفع بموضوعنا إلى القيادات الأعلى منها ، بل انها لا تريد ان نستمر في اعمالنا ومواجهتنا الاعلامية البطولة للميليشيا والأنقلاب الغاشم الظالم . عامان من حياتنا وهذا الثالث ونحن نعيش أسوء مرحلة في عمرنا ، اضطررنا فيها لمغادرة منازل أهلنا بسبب معرفة الميليشيات لمواقعنا ، وذهبنا للسكن في منازل بعيدة تفرض علينا التزامات مادية نحوها ، بل بكل صراحة ان اهلنا طردونا من منازلنا بسبب عدم تخلينا عن عملنا الإعلامي ضد الميليشيات والخروج للبحث عن عمل لكي نقوم بمسؤوليتنا تجاه من نعولهم . تخلى عنا الاهل والاقارب واصدقاء الطفولة وزملاء الدراسة ورفقاء الدرب ، بسبب عملنا الإعلامي وخوف الكثير من الوقوع بتهمة بسبب تواصله معنا او تقديم اي مساعدة لنا . أثقلت كاهلنا الديون الكثيرة طيلة هذه الفترة وأصبحنا نواجه متطلبات سدادها ولم نعد احد يعطينا اي مبلغ سلفة لنسد به رمق جوعنا . نعايش المواقف المؤلمة جداً ، لا تجد لقمة العيش ، تمرض زوجتك وولدك الرضيع وتعجز على علاجهم ، تذهب زوجتك لإجراء عملية في إحدى المستشفيات ويتم حجزها من الخروج بسبب عدم قدرتك على دفع التكاليف والعلاج ، وتخرج بصعوبة وضمانة بالدفع وحتى الآن لا تقدر بدفع الالتزامات التي عليك . تنضب عبوة الغاز من منزلك وتظل أيام عديدة غير قادر على تعبئتها وتضطر لأكل قطعة خبز يابسة على ماء . انها ظروف صعبة جداً بل أسواء من ذلك بكثير ، ورغم هذا لا زلت مستمر بعملك الاعلامي ، وتلك القيادات لا زالت مستمرة في اهمالك وتجاهلك ... اننا في وضع ومعاناة ليس لها وصف إلا أذا قلنا أننا نموت فيها موتاً بالطريقة البطيئة ان صح التعبير .ً دخلت سجون جماعة الحوثي وتلقيت أقسى أنواع التعذيب ، وخرجت منها بدفع مبلغ ثلاثة ملايين ريال قدمها عدة أقارب بشرط اعطيهم ماقدموه بعد خروجي ولا زلت محمل كاهل ذلك الالتزام ، وقامت عدة شخصيات بضمانتي للخروج من السجن والالتزام بعدم العودة للكتابة ضد الانقلاب ، ولكنني عدت للكتابة بعد خروجي ولم أبالي بذلك التعذيب وتلك الخسائر وتلك الضمانات الشخصية التي قلت لهم كنتم دعوني في السجن خير من تخرجوني إلى سجن آخر يمنعني من الكتابة . والصدمة التي تلقيتها بعد خروجي من السجن هي من قبل قيادات الشرعية في إب ، الذين لم يحركوا ساكناً عند اختطافي من قبل الحوثيين ، ولم يقل لي أحد منهم حتى "الحمد لله على سلامتك" بعد خروجي من السجن ، مما جعلني اعيش متألم من تعذيب سجن الحوثي ومن خذلان قيادات الشرعية التي ستظل عقدة في قلبي لن انسيها طوال حياتي . لو كتبت عن معاناتي طيلة هذه الفترة لكان الكلام كثير جداً جداً وسيطول ويطول ، ولكن أقول هكذا نعيش انا وإعلاميين الشرعية في إب ، ومن خلال تلك المعاناة اكتشفت ان من قال المعاناة تولد الإبداع فهو كاذب، فالمعاناة تولد الإحباط ، فكتاباتي كانت في البداية قوية ومقالتي سلسة وافكاري غزيرة ، ولكن معاناتي التي عشتها جعلت قلمي يكاد ان يتحرك بصعوبة وذهني غير صافي وتفكيري غير مركز ، اكتب وانا محبط متضايق مرتبك يائس اتألم من أمراض صحية وحالة نفسية ... بصراحة لقد جعلتنا المعاناة ان نتمنى الموت ، فالموت هو افضل من حياة كهذه ... ولا سامح الله من كان السبب .

آخر الأخبار