السبت 27 ابريل 2024
الرئيسية - كتابات - الرجل الذي ألهم العصر
الرجل الذي ألهم العصر
images
الساعة 03:00 مساءً
فهد عامر الأحمدي كانت العرب حين تريد وصف رجل بالعظمة والتفرد تقول: "أتعبت من سيأتي بعدك يافلان" وهي مقولة تنطبق على الأديب الفرنسي جول فيرن فيما يتعلق بأدب الخيال العلمي رغم وفاته عام 1905.. فهو ليس فقط أديباً بارعاً، ورائداً متبحراً، بل وصاحب بصيرة نافذة أتاحت له التنبؤ بمعظم التقنيات العلمية المعاصرة (بل هناك من يدعي أن ما حدث هو العكس؛ وأن التقنيات العلمية المعاصرة ظهرت نتيجة رواياته وإلهاماته ودعوته لتحقيقها على أرض الواقع)! فهو مثلاً أول من تنبأ بالصعود إلى القمر، واختراع الليزر، والغوص لأعماق المحيطات، واستكشاف الفضاء، والارتفاع ببالونات الاختبار... بل إن لجون فيرن روايات وأفكار لم يستطع العلم اللحاق بها حتى الآن مثل الحفر حتى مركز الأرض، واختراع مادة مضادة للجاذبية، والسفر عبر الزمن، وبناء مدن في قيعان البحار… ولد هذا الأديب في مدينة نانت عام 1828 لأب يعمل محامياً وعرف عنه سعة الخيال ومهارته في اقتحام عالم الفنتازيا وتطابق معظم رواياته مع الواقع الذي تحقق بعدها؛ خذ كمثال روايته "رحلة من الأرض إلى القمر" التي افترض فيها أن الأميركان هم الأقدر مستقبلاً على هذا الإنجاز ورشح فلوريدا مكاناً لإطلاق الصاروخ وتحديداً الموقع الحالي لقاعدة كيب كيندي وهو ماحصل بالفعل في الستينات .. أما روايته "خمسة أسابيع في بالون" فتحققت على يد المخترع السويسري أوغست بييكرد الذي ارتفع إلى حدود الغلاف الجوى ببالون مغلق عام 1932.. أما فكرة الليزر فقد تنبأ بها جول فيرن في روايته الشيقة "الشعاع الأخضر" ، في حين يعترف سيمون ليل مخترع الغواصة الحديثة أنه اقتبس فكرة الغواصة من رواية فيرن المشهورة "20 ألف فرسخ تحت البحر" حيث يقود القبطان نيمو غواصة نووية تدعى نوتيلوس (وهو الاسم الذي حملته لاحقاً أول غواصة نووية أبحرت تحت القطب الشمالي)... وما تزال بعض روايات فيرن تتجاوز تقنيات زمننا الحاضر؛ فهو مثلاً يقفز إلى القرن التاسع والعشرين في روايته الشيقة "يوميات صحفي أميركي".. وتصف الرواية مدينة نيويورك في ذلك الوقت وكيف وصلت بها ناطحات السحاب (التي لم تبن حينها) إلى ألف قدم وكيف أمكن التحكم في الطقس وهطول الأمطار واختراع شوارع تتحرك بكل اتجاه (…) أما بطل الرواية فيعمل مراسلاً في جريدة توزع ثمانين مليون نسخة ويقدم تقاريره الاخبارية من المشتري والمريخ والزهرة وله علاقات جيدة مع سكان الكواكب الأخرى..!! أيضا لجول فيرن روايات تصنف في فئة المغامرات والرحلات الجغرافية العجيبة؛ فهو مثلاً صاحب الرواية الشهيرة "حول العالم في ثمانين يوما" و"أبناء الكابتن" و"الهنود السود" و"عامان إجازة" و"بلاد الفراء"... كما أن له قصصاً جميلة تجمع بين المغامرة والخيال العلمي مثل "رحلة إلى باطن الأرض" و"قذيفة حول القمر" و"الغواصة نوتيلوس" ... وجميعها تحولت إلى أفلام!! ورغم أن بعض أعمال فيرن أصبحت مكررة في عصرنا الحالي، إلا أن عظمته تستمد من كونه المبتكر الأول للعديد من الأفكار الخيالية التي مشى على نهجها ومايزال كتّاب الخيال العلمي (مثل السفر عبر الزمن، وقراءة الأفكار، والتواصل مع مخلوقات فضائية ذكية)... يصفه المؤرخ الفرنسي مارك سوريانو بأنه رجل تتقمصه أرواح غريبة تأخذه إلى خيالات لم يصل إليها بشر.. .. بدون شك؛ أتعبت الأدباء من بعدك يافيرن..

آخر الأخبار