الجمعة 29 مارس 2024
الرئيسية - كتابات - عما هو اخطر من تدمير المنازل واحتلال المدن بالسلاح 
عما هو اخطر من تدمير المنازل واحتلال المدن بالسلاح 
الساعة 07:45 صباحاً
بوابتي / كتابات   د مروان الغفوري   ثمة ما هو أخطر من تدمير المنازل واحتلال المدن بالسلاح: تغيير ملامح المجتمع، واستزراع هوية إجبارية. الشرق الأوسط تنشر تقريراً في عددها الأخير عن جهود قطاع التعليم في دولة الحوثي، الجهود التي قال عبملك إنها رغم كل نجاحاتها ليست كافية. في الأيام الماضية قرر الحوثيون إطلاق اسم مجمع صالح الصماد على المجمع التربوي التابع لجامعة إب، وسيستخدمونه كمركز للتعليم الديني. يجري الاستعداد، حالياً، للزج بمئات آلاف الكتب المعدلة إلى المدارس. لجنة التعديل، وهي لجنة دينية طائفية، بذلت نشاطاً كبيراً لإعادة كتابة المواضيع المتعلقة بالتاريخ والتربية الوطنية والإسلاميات، أخذ منها الجهد خمسة أشهر. أقرت وزارة التربية تسميات جديدة لمئات المدارس، الأسماء الجديدة هم أبطال حوثيون قتلوا في الحرب، الأسماء القديمة هي الأسماء التي تواطأ اليمنيون على اعتبارها ذاكرة جمهورية.   يحيى الحوثي ينوي فرض الصرخة الحوثية في طابور الصباح، مقررات طائفية إضافية سيزج بها في مناهج المدارس والجامعات، سيحضر عبملك هذه المرة في الكتب. المناهج المعدلة ستوفي "آل البيت حقهم"، وستعزز فكرة الدولة الإلهية، فهي مهندسة على إلغاء المسافة بين القرنين السادس والواحد والعشرين واعتبار الحوثي فرعاً مباشراً عن نبي ذلك الزمان السحيق.   الحوثي يهندس هوية جديدة لليمنيين ليست فقط معزولة عن تاريخهم بل عن مستقبلهم أيضاً. هي هندسة تجعل من اليمنيين حرساً له، وفلاحين في وديانه وجوار لدينه.   زج الحوثيون بالمئات من دعاتهم إلى المدارس على هيئة معلمين مستغلين الفراغ الحاصل في قطاع التعليم. يعمل الدعاة الحوثيوت على إعادة هندسة نظام الخيال والانفعالات لدى طلبة المدارس. يحضر الحوثي في التعليم كبطل ومخلص، وكقصة إلهية تستثير الدموع، وكمظلوم ذنباه الصدق والشجاعة. الاطفال الذين يموتون في الجبهات هم أخف الضحايا، الأطفال الذين تهندس عقولهم في المدارس ولا يموتوت في الجبهات هم الفخ الكامن. ليست الألغام، على بشاعاتها، هي أخطر ما دسته هذه الجماعة لليمنيين في السر والعلانية.   تقول الجزيرة إنها حرب بين الإمارات والحوثيين، تحاول الجزيرة تزييف شكل المعركة. يكبر الجوع، تتسع المأساة، تذهب الكوليرا والضنك ويأتي ألم جديد. المأساة المادية من الممكن احتمالها بالمقارنة بالجريمة الحوثية الكبرى: إعادة هندسة جيل بأكمله، وإلقاء جذوره الثقافية والنفسية في طريق السيل.   ما من حل مع هذه الجماعة سوى اقتلاعها ورميها إلى الجحيم. بالأمس قال سليماني مخاطباً ترامب: لم يعد البحر الأحمر آمناً، ولدينا إمكانياتنا في خوض الحروب غير المتكافئة، وها أنا أواجهك في البحار بمفردي. قال ذلك بعد استهداف الناقلات السعودية. هكذا تبنى الجريمة من ثلاثة أدوار: القبائل تخدم الحوثيين، الحوثيون يخدمون إيران، إيران تخدم الأساطير. ومع ذلك فإن الفصل الأخطر في هذه المتتالية هو إعادة هندسة المجتمع، إعادة خلقه بطريقة غير ارتجاعية، وعزله كلياً عن شخصيته وحقائقه.

آخر الأخبار