مفاوضات السويد (تعارض المصالح الدولية وإبقاء الحوثي للغموض في تحركاته لغرض المناورات)
2018/12/03
الساعة 08:22 مساءً
فصل جديد من المشاورات اليمنية، يدفع إليه المجتمع الدولي بكل إمكاناته الكبيرة، في ضرورة قصوى لإنجاحه وإنهاء الحرب المشتعلة منذ أربعة أعوام ضاعفت من تدهور وتردي الوضع الإنساني والمعيشي، إلى الحد الذي يكون معا الحياة منعدمة تماما.
لكن هذا الدفع الدولي للذهاب إلى مشاورات سلام وإنهاء الحرب، يبدو للكثيرين من المتابعين والمراقبون على أنه تعارض في المصالح أكثر من كونه أخلاقي، وهو ما يقرأ على أنه مسار مسدود.
ويتوقع أن يسافر ممثلون عن ميلشيا الحوثي الانقلابية إلى السويد في وقت قريب ربما يوم الاثنين لحضور محادثات السلام بعد أن وافق التحالف العسكري الذي تقوده السعودية على نقل جرحى من الحوثيين للعلاج في الخارج مما مهد الطريق لبدء مفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو أربع سنوات.
ونقلا عن وكالة رويترز عن مصدر في الأمم المتحدة ل" إن مارتن جريفيث مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن وصل إلى صنعاء يوم الاثنين لمرافقة مفاوضي جماعة الحوثي إلى السويد. وقالت الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية إنها ستسمح للحوثيين بالمشاركة بأول جولة من المحادثات منذ 2016.
وزادت فرص إجراء المحادثات فيما يضغط حلفاء غربيون على السعودية، التي تقود التحالف المناهض للحوثيين المتحالفين مع إيران، بشأن حرب أوقعت ما لا يقل عن عشرة آلاف قتيل ودفعت اليمن إلى شفا المجاعة.
وبدأت كثافة هذا الضغوط قبل أيام، كانت هي نتيجة التحرك العسكري للقوات الحكومية اليمنية ضد ميلشيا الحوثي الانقلابية في مدينة الحديدة ومينائها الوحيد المتبقي للميلشيا، معنى ذلك بحسب مراقبون أن موجة ضعف كبيرة ستلحق بالميلشيا في حال وتم السيطرة على الحديدة، وهو ما يفتح باب تعارض وتصادم المصالح الدولية في المنطقة ككل، إذ تعين على المجتمع الدولي إعلان وقف إطلاق النار فورا على وجه التحديد في محافظة الحديدة التي توشك القوات الحكومية السيطرة عليها، والذهاب لمفاوضات جديدة في السويد.
وفي عملية التحضير والدفع للمفاوضات وبالتزامن مع المعارك على أرض الواقع يدرك الانقلابيون أن أي خسارات جديدة على الأرض من شأنها تفقدهم نقاطاً وتُضعف موقفهم التفاوضي الذي تراجع كثيراً منذ اغتيالهم علي عبدالله صالح وتلاشي تحالفهم مع حزبه.
لذلك أظهرت ميلشيا الحوثي الانقلابية حزمة من المطالب والشروط ككل دورة مفاوضات جديدة، نقل نحو 50 جريحا تابعين لها، مشترطة ألا يفتش التحالف الطائرة التي ستقل الوفد للمحادثات.
بالمقابل وافق التحالف العربي في بيان له "إنه وافق على الإجلاء ”لدواع إنسانية وضمن إطار بناء الثقة بين الأطراف اليمنية للتمهيد لمفاوضات السويد“ المقرر أن تتركز كذلك على تشكيل هيئة حكم انتقالية.
وكما هو جلي عند كل انهيار لقوات الحوثي، تأتي الضغوطات الدولية على إجراء مشاورات ووقف إطلاق النار، والذي بالتزامن، وحين يجد الحوثيون أنهم صاروا في حالة انهيار وحصار، يدفعون بمطالب بغية كسر الحصار المفروض عليهم وفي حال ولم يتم موافقتهم على كل مساعيهم، يحيطون مشاركتهم في التفاوض بالغموض ثم يُخضعونها لمناورات تستهدف استدراج ضغوط على الحكومة الشرعية والدول الداعمة لها ودون أي التزام أو قبول بأي نقاط وقرارات دولية إعلان عنها سابقا، فيما يبقون متخلصين من أي ضغوطات.
فالأمم المتحدة التي ترعى المشاورات ملزمة بمرجعية القرارات الدولية ولاسيما القرار 2216 فضلاً عن المبادرة الخليجية كونها بمثابة «دستور انتقالي مؤقّت، وكذلك توصيات الحوار الوطني الذي أجري بإشراف أممي. غير أن الجانب الحوثي لا يعترف بأيٍّ من هذه المرجعيات، ولا يعترف بالحكومة الشرعية بل يعتبرها مجرد طرف آخر مناوئ له، وسواء صرّح بذلك أم أبقاه كخلفية للتفاوض فإنه أربك عمل الوسيط الأممي والوسطاء الآخرين الذين تدخلوا لـ«التسهيل» كما قيل وانتهوا عملياً إلى الضغط على الحكومة الشرعية لاستدراج تنازلات.
ولم يتح الحوثيون في أي لحظة الاقتراب من أي بحث رصين في النقطة التي تشكّل محكّاً لاستجابة أي حل، وهي الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة المنهوبة من ثكن الجيش اليمني.
في حين قال محللون إن حضور الطرفين المحادثات سيمثل إنجازا في حد ذاته حتى إذا لم تتحقق نتائج ملموسة في الوقت الذي يواجه فيه جريفيث صعوبات في سعيه للتغلب على انعدام الثقة بين جميع الأطراف.
وقالت إليزابيث كيندال الباحثة في الدراسات العربية والإسلامية بجامعة أوكسفورد ”لا يرغب أي من الطرفين أن يلام على العواقب الوخيمة للمجاعة التي تلوح في الأفق والتي باتت أقرب إلى الواقع، لكن لم يتضح بعد إن كانت الإرادة السياسية متوفرة بالفعل لتقديم التنازلات الضرورية للسلام“.