السبت 20 ابريل 2024
الرئيسية - تقارير وحوارات - تعز .. سنوات من الحصار الحوثي وزيف التعهدات
تعز .. سنوات من الحصار الحوثي وزيف التعهدات
تعز .. سنوات من الحصار الحوثي وزيف التعهدات
الساعة 05:17 مساءً (متابعات)

تفرض ميليشيا الحوثي للسنة الخامسة على التوالي حصارًا قاتلًا على المدنيين في مدينة تعز (جنوبي غرب اليمن)، جعلتهم يعيشون وضعاً أشبه بالإقامة الجبرية، في محاولة منها لتجويعهم، وإذلالهم، وإخضاعهم لسلطتها، واستخدام وضعهم الإنساني ورقة للمساومة في إطار حروبها التوسّعية التي تعتمد على المراوغة والغدر وممارسة الانتهاكات الإرهابية.

ومنذ انقلابها في 2014 حاولت السيطرة على مدينة تعز لكنها فشلت أمام مقاومة دفعت عن كرامة المدينة وساكنيها، عندها لجأت الميليشيا إلى فرض حصار والتحكم بمداخل المدينة الرئيسية، التي تصل مدينة تعز بالمحافظات الأخرى المجاورة، ومنعت دخول المواطنين وخروجهم- رجالاً ونساءً- من وإلى المدينة، إضافة إلى قيامها بمنع دخول القوافل الإغاثية، والمواد الغذائية، والأدوية، والمشتقات النفطية، والبضائع التجارية، الأمر الذي فاقم من معاناة السكّان في مختلف نواحي الحياة.



وخلال سنوات الحصار الذي فرضته الميليشيا على مدينة تعز احتجزت عشرات القوافل الإغاثية، وصادرتها، وقيّدت عمل المنظمات الإنسانية وحاربتها، ومنعت ممثّليها من الدخول إلى مدينة تعز، وكان أبرزها، منع الوفد التابع لبرنامج الأغذية العالمي من دخول تعز بعد أن قدم في زيارة رسمية أواخر العام 2018، للاطلاع على الوضع الإنساني فيها، إلا أن الميليشيا منعته من الدخول نهائيًّا.

وتعمّد الحوثيون، وفق ما أكدته مصادر محلية متعددة، إهانة أبناء تعز في المعابر المؤدّية إلى المدينة، وقيامها بتفتيشهم بطريقة مهينة ومستفزّة، خصوصاً النساء، واحتجازها العديد منهم بتهم ملفّقة، ومن ثم مصادرة ممتلكاتهم، كما أقدم قنّاصة الميليشيا على قتل العديد من المدنيين أثناء مرورهم في هذه المعابر.

وبحسب المصادر فإن "هذا الحصار أجبر أبناء تعز على سلوك طرق أخرى بعيدة تمر بسلاسل جبلية من أجل الوصول إلى المدينة أو الخروج منها، ونقل الغذاء والدواء، وهي طرق وعرة وخطرة، يستغرق السفر عبرها وقتًا طويلًا يصل إلى 10 ساعات، وشهدت هذه الطرق حوادث مرورية كثيرة بسبب وعورتها، ووثّقت حوادث كثيرة سقط فيها ضحايا من المسافرين، وأتلفت بعض الممتلكات ووسائل النقل، وضاعف هذا الوضع من رفع أسعار السلع الأساسية.

ورغم الأوضاع الإنسانية المأساوية التي خلّفها الحصار على المدينة، وبالرغم من المناشدات المحلية والدولية التي تطالب الحوثيين بالتراجع عنه، إلا أن الميليشيا تجاهلت كلّ هذه الدعوات والنداءات، ولم تتجاوب معها منذ بدء الحصار وحتى يومنا، بل إنها تنصّلت من الاتفاقات التي وقّعتها أمام العالم، والتزمت بموجبها بفكّ الحصار عن المدينة، وهو ما لم تنفّذه عمليًّا على الأرض.

وخلال اليومين الماضيين، أعادت ميليشيا الحوثي قضية حصار تعز إلى الواجهة بإعلانها ما أسمته مبادرة فتح الطرق إلى مدينة تعز، وتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، وهو اعتراف صريح بحصارها المفروض على المدينة وارتكابها مخالفات للقوانين والأعراف الدولية. وقد رحّبت السلطة المحلية في تعز، بهذا الأمر كعادتها في التعاطي مع كل ما يخفف معاناة أبناء تعز، رغم تيقّنها من عدم جدّية الحوثيين.

وقال وكيل أول محافظة تعز، الدكتور عبد القوي المخلافي، إن «السلطة المحلية مستمرة في الالتزام بدعم كلّ الجهود الهادفة لكسر الحصار عن المدينة وفتح المنافذ والطرقات أمام المواطنين. وظلّت في كلّ لقاءاتها واجتماعاتها مع الوفود الأممية تشدد على الضغط من أجل فتح الطرقات والمنافذ أمام حركة المدنيين والمركبات والبضائع».

وسخر المخلافي من طلب الميليشيا للسلطة والجيش بالموافقة على فتح المعابر، وقال: «لا أحد يحاصر نفسه، وأن محاولة ميليشيا الحوثي لخلق هذا الانطباع أمام الرأي العام عمل مثير للسخرية» وفقًا لما نقل عنه مكتب إعلام محافظة تعز.

وأكد أن «موضوع كسر الحصار وإعادة فتح المنافذ التي أغلقتها ميليشيا الحوثي هدف لا رجعة عنه، سواء عبر العمل العسكري أو دعم الجهود المبذولة في هذا الاتجاه».. مؤكداً أن «لجوء ميليشيا الحوثي لحصار المدينة وإغلاق منافذها، مثّل انتهاكًا سافرًا لحقوق الإنسان ولكل الدساتير والقوانين والمواثيق والمعاهدات والأخلاق والأعراف».

وتعليقاً على مبادرة الحوثيين، قال وزير الخارجية الأسبق عبدالملك المخلافي: "بذلنا في الشرعية منذ بييل بسويسرا في ديسمبر2015 وفي محادثات الكويت وما بعدها الكثير من الجهود من أجل فكّ حصار تعز".

وأضاف في تغريدات له بصفحته على تويتر: وكلّ توصل لفك الحصار وتخفيف معاناة المواطنين يجب أن يكون محل تأييد وترحيب".. مؤكداً أن "تخفيف معاناة الناس من جراء الحرب يجب أن لا يخضع لأي اعتبار إلا الاعتبار الإنساني فقط".

ولفت المخلافي إلى "أن الحوثي التزم في محادثات بييل التي جرت في سويسرا في ديسمبر 2015 ضمن مجموعة من إجراءات بناء الثقة، جلّها في الجانب الإنساني بفتح حصار مدينة تعز، ولم ينفذ ما التزم به منذ ذلك الحين، بل ومنع دخول المساعدات عبر المنافذ التي يسيطر عليها. وقال: "كل إجراء في الجانب الإنساني تعبير عن صدق النوايا من عدمها".

وجاء في تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس حقوق الإنسان، الذي عرض نهاية سبتمبر الماضي في الدورة الـ42 لمجلس حقوق الإنسان، أن "حصار الحوثيين المستمر على مدينة تعز، عقاب جماعي وانتهاك متعدد الأوجه لحقوق الإنسان والقوانين الدولية والإنسانية".. مؤكداً أنه "أثر بشكل كبير على تعز بشكل عام، وخاصة على ثلاث مديريات، بما في ذلك انعدام السلع الغذائية والمياه، وندرة الأدوية وانعدام الخدمات الصحية، وتراجع التعليم وغيرها من أشكال الحياة".

 

 


آخر الأخبار