* رضية العميسي

اليوم ..وفي طريق عودتي لمنزلي كانت طفلتي ذات العاشرة من عمرها تجلس في المقعد الخلفي كالعادة.

أحب الاستماع الى الراديو في جميع الأحول .. يعمل هو بشكل اتوماتيكي لم اكن منتبهة للقناة التي كانت تذيع وقتها..

كان الصوت المنبعث مألوفاً لدينا نحن اليمنيين مؤخرًا...

كان الرجل متحمسا وهو يلقي خطاب كانت الجمل متتالية : (لابد أن نبدأ بالنساء، ففساد النساء يعني فساد الأمة، فالمرأه تفسد الرجل ولايفسد رجل الأمن إلا فساد امرأة، المرأة هي رأس انحلال المجتمعات، .....)

بصوتها الطفولي قطعت ابنتي ذلك الصوت: النساء النساء فاسدات  قالتها بنزق....

لم تفهم طفلتي مغزى الكلام ولكنها شعرت بالضيق وبدت عليها علامات النزق، قالتها بفطرة انسانية بحتة كأن يرفض المرء الظلم والتهم والعنصرية.

 الانسان السليم يرفض أن يكون شماعة يغلف الاخرون أخطاءهم عليه..

إلى متى سيظل ذلك الظلم وستظل الجرائم تعلق على أبواب الطاهرات المؤنسات الغاليات..

الى متى سيظل الفاسدون والمتعفنون من الداخل يتباكون على أنهم ضحايا لكيد النساء..

ألم يفكر ذلك المدعي للدين أن يقول علموا ابناءكم الأخلاق والشرف، علموهم أن يكونوا رجالاً يحمون من هم أضعف منهم لايهتكون عرضًا ولا يتتبعون عورات غيرهم..

لمَ لم يضج ذلك الحانق على النساء بصوته ويتحدث عن تربية جيل أفضل،  جيل أكثر علماً؟

 لماذا لم يردد علموا أبناءكم بناتاً وصبياناً الأخلاق والقيم والسلوك والسلام والنفع والمعرفة؟

لم يصدر من ذلك المدعي سوى التحريض على الفساد والكراهية والظلم والعنف ضد المرأة..

صار الأمر مضحكاً للغاية حتى أطفالنا صاروا يفهمون جيداً أكثر منكم بكثير.

ابتسمت لصغيرتي وأطفأت الردايو.

ناديتها باسمها وقلت لها نحن لانستمع للأغبياء..

واكملنا الطريق ونحن نغني معاً ضحكتك فيها كهرباء.. لنطبطب على ماتبقى من ذلك اليوم... والمجد للصغيرات.