lass="author">د. أحمد الجميعـة
لا تزال التطورات الميدانية على الأرض اليمنية بعد إعلان الهدنة والالتفاف على طاولة المفاوضات في (جنيف2) تأخذ مساراً عسيراً من قبل مليشيات الحوثي والمخلوع صالح للقبول بالحل السياسي، حيث أظهرت تلك المليشيات خرقاً واضحاً للهدنة، واستمراراً لإطلاق النار، والاغتيالات، وسقوط الشهداء من قوات التحالف، ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في مواقع الصراع، إلى جانب مناورة وتلويح الحوثيين بالانسحاب خلال المفاوضات، وتجريح المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بعبارات غير لائقة إنسانياً فضلاً أن تكون لغة وفد دبلوماسي قادم للتفاوض والحوار، والرغبة في الحل، وأسوأ من كل ذلك أن تتجرأ جماعة الحوثي يوم أمس بإطلاق صاروخين بالستيين تجاه أراضي المملكة، وهي من الصواريخ القوسية التكتيكية التي لا يتجاوز مداها القصير (300 كلم)، سقط الأول بعد اعتراضه من قوات الدفاع الجوي قرب مأرب، والثاني في صحراء شرق نجران، وهو تهديد صريح وواضح للمملكة، واعتداء على مقدراتها وإنسانها، وترجمة لدور الحوثي الذي لم يعد يمثّل ميليشيا خارجة عن الشرعية، وإنما يمثّل جمهورية إيران الإرهابية في الحرب بالوكالة، وكسب النصر المعنوي بإلحاق الضرر بالمملكة، وفرض شروط الحل السياسي خلال المحادثات وهو الذي لم يتحقق.
استمرار الحرب في اليمن -التي دخلت شهرها التاسع منذ إطلاق عاصفة الحزم في نهاية شهر مارس الماضي، ومن ثم إعادة الأمل بعد شهر تقريباً من بدء العمليات العسكرية- كان أمراً متوقعاً، فلم تذهب قوات التحالف إلى مباراة تنتهي في (90 دقيقة)، وإنما ذهبت إلى حرب مفتوحة، ومتعددة الاحتمالات، هدفها الأول كان وقف المناورات العسكرية للحوثيين على الحدود السعودية، والتصدي لأحلامهم بالدخول إليها، وهو ما رصدته القوات السعودية في (12 مارس) الماضي، إلى جانب الوقوف مع الشرعية في اليمن، والتصدي للمشروع الإيراني في المنطقة، وتقطيع أوصال مرتزقته ومليشياته المأجورة، وأمام كل هذه الأهداف والتطورات كانت المملكة تأمل بحل سياسي للأزمة ولا تزال تسعى في الوصول إليه، بل المجتمع الدولي طالب بتطبيق القرار (2216) بوقف العنف، وإلقاء السلاح، وفرض العقوبات على الحوثي وصالح، والاعتراف بالشرعية، وهو أيضاً لم يتحقق، بل لا يزال الحوثي مستميتاً في الوصول إلى أهدافه، وإطالة أمد الحرب، وتحويلها من حرب استنزاف «لا غالب ولا مغلوب» إلى حرب انتحار «نموت أو ننتصر»؛ فالحوثيون الذين يذهبون إلى الموت قرب الحدود السعودية كل يوم، ويلقون حتفهم مع أول ضربة من طيران الأباتشي والمدفعية والقناصة، كذلك إطلاق الصواريخ البالستية داخل المملكة لإثارة الخوف وسقوط الضحايا والخسائر المادية هي أيضاً انتحار حوثي؛ لأنه يدرك قبل غيره حجم الرد السعودي على هذا العبث، وأنه يواجه جنوداً أقسموا بالله أن يدافعوا عن أرضهم، ويحموا شعبهم، ويحافظون على مقدراتهم، مهما كانت التحديات، ومهما كان الموت أقرب منهم؛ ليبقى الوطن عزيزاً شامخاً، وتمضي سيرته ومسيرته إلى مستقبل أفضل.