ما بين النفي والتأكيد أثيرت حالة من الجدل في الأوساط العالمية، بعدما ترددت أخبار عن إرسال الجيش الباكستاني قوات عسكرية إلى المملكة العربية السعودية، لحماية حدودها المشتركة مع الرياض.
هذا الأمر أثاره موقع "ميدل إيست آي" الإخباري، حينما ذكر في خبر له أن باكستان أرسلت قوات إلى حدود المملكة الجنوبية للتصدي لهجمات الحوثيين في اليمن.
وأكد الخبر الكاتب البريطاني ديفيد هيرست في مقال نشره في الموقع سالف الذكر، قائلًا "إن الجيش الباكستاني أرسل لواء من القوات القتالية لدعم الجيش السعودي على حدود اليمن الجنوبية للتصدي لهجمات الحوثيين". وأضاف: "إن إرسال القوات العسكرية الباكستانية جاءت بعد زيارة قام بها قائد الجيش الباكستاني الجديد "قمر باجوا" للسعودية في زيارة رسمية استمرت 3 أيام في ديسمبر العام الماضي".
الخطة والتي تم الفصح عنها حسب الموقع البريطاني، أن اللواء العسكري الباكستاني سيتمركز جنوب المملكة، لكنه سينتشر فقط داخل الحدود السعودية، ولن يتم استخدامه خارج نطاق حدود المملكة، وتهدف الخطة إلى جعل القوات بمثابة قوة استجابة لحالات الطوارئ.
ورغم تأكيداً الموقع البريطاني كشف وزير الدفاع الباكستاني "خواجة محمد آصف"، الأربعاء، حقيقة إرسال باكستان قوات عسكرية للسعودية، قائلا "لم نرسل أيًّا من رجالنا بالجيش الباكستاني إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في الحرب الدائرة في اليمن".
وأوضح أن هناك حوالي 1000 عسكري باكستاني (بينهم تقنيون وأطباء ومهندسون) يقيمون في المملكة طبقًا لاتفاقية مبرمة بين إسلام أباد والرياض عام 1982، مبيناً أن باكستان لا تتدخل في قضية اليمن، ولكنها على استعداد للتعاون لحل قضايا الدول الإسلامية.
تعهدت باكستان أحد القوى النووية في العالم، أكثر من مرة بالدفاع عن السعودية في حال تعرض أمنها وسيادتها للخطر، حيث أعربت عن استعدادها للعب دور الوساطة لحل الخلاف المتفاقم بين السعودية وإيران عندما يحين الوقت المناسب، حيث جاء التعبير عن هذه المواقف عقب زيارة رسمية لباكستان قام بها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع.
وجدد المُتحدث باسم الجيش الباكستاني اللواء آصف غفور للسعودية موقف إسلام أباد بأن الجيش الباكستاني يعتبر الدفاع عن المملكة العربية السعودية مساوٍ للدفاع عن باكستان.
وبحسب تقرير لصحيفة “ذا ناشيونال”، لطالما تمتعت السعودية بعلاقة عسكرية وأمنية وثيقة مع إسلام آباد، حيث يتم إرسال قوات من جيش باكستان بصورة منتظمة لتدريب الجنود السعوديين، وعلى الرغم من عدم إعلان المملكة عن أعداد تلك القوات، إلا أن الخبراء يقولون إن هناك ما لا يقل عن 70 ألف باكستاني يعملون في الخدمات العسكرية السعودية بانتظام.
لكن السعودية لا تطلب إرسال القوات الباكستانية المقاتلة إلا في أوقات التوتر المتزايدة بالمملكة، حيث أُرسلت القوات الباكستانية للسعودية في العام 1979 بعد الهجوم الذي تعرض له الحرم المكّي في مكة المكرمة، على يد مجموعة متطرفة تابعة لتنظيم القاعدة، ومن ثم بعد الثورة الإيرانية التي قامت في العام نفسه.
كما استقرت القوات الباكستانية في السعودية خلال حرب الخليج الأولى، عند تصاعد المخاوف حول هجوم صدام حسين على المملكة، وتم إرسال القوات الباكستانية عندما كثفت القوات الأمريكية عملياتها لسحق تنظيم القاعدة في العراق، ما أثار المخاوف من أن يقوم المتطرفون بالهروب عبر الحدود السعودية.
غير الحدود التي تجمعهما والخطر الذي يهددهما من الحوثيين، فتجتمع السعودية وباكستان على العديد من القواسم المشتركة، إذ تعتبر كل منهما في مقدمة العالم الإسلامي، فضلا عن أنهما يحتضنان شعوبا ذات أغلبية سنية، وهذا ما أكده قائد الجيش الباكستاني قمر جاويد باجوا في بيان للجيش الباكستاني، متعهدًا بالتزام بلاده بتأمين وحماية المساجد المُقدَّسة وسلامة أراضي المملكة السعودية.
في حين كان للملف النووي دور مهمًا في تعزيز العلاقات بين البلدين إذ قدمت الرياض لباكستان دعمًا ماديا من أجل صناعة "قنبلة نووية إسلامية".
وبعض فرض أمريكا عقوبات على باكستان نتيجة إجرائها تجارب نووية، قدمت السعودية الدعم المادي اللازم لتخفيف أثر العقوبات، إذ منحتها بالإضافة إلى المال نفطًا خامًا، لذلك لم تستجري باكستان رفض طلب السعودية الاستعانة بقدرات باكستان العسكرية لمواجهة الحوثيين.
ويرى أن نشر لواء باكستاني في السعودية أمر في غاية الحساسية سياسيا بالنسبة لإسلام آباد، لأنه قبل عامين رفض البرلمان الباكستاني طلب الملك سلمان بانضمام باكستان إلى التحالف الإسلامي لمحاربة الحوثيين، وجاء رفض البرلمان بسبب وجود مخاوف من تأجيج العنف الطائفي في باكستان، لأن 20 %من السكان شيعة، ومن ثم تأجيج العنف الطائفي داخل الباكستان.