2018/07/19
حروف الأحرار أقوى من الدولار
احمد عبدالملك المقرمي بمقدور المال أن يشتري العبيد، لكنه أضعف من أن يؤثر في الأحرار فضلا عن أن يساومهم أو يشتريهم، ذلك لأن المال عبد للمبدأ و ليس العكس . بمقدور متسلط أو مسؤول ما أن يشتري عبيدا لإثارة الغبار، لكن ليس باستطاعتهم حجب نور الشمس و وهجها، بمقدور أي متسلط أن يبتاع حفنة أقلام يسخرها تلميعا لذاته، أو مدحا لشخصه، و كذا تسفيها لمناوئيه و شتما لمعارضيه، و فوق أنها في النهاية لا تحقق له هدفا و لا تغير من الحقيقة شيئا، تبقى أيضا حروف الأحرار نورا و هدى، و علامات و بالحر هم يهتدون. واقع الحياة يقول هذا تماما، فكم هو حجم و كمّ المديح الذي قيل تلميعا و تزلفا لرؤساء دول مضوا، و كم هو المال المهول الذي أنفق لشراء الأقلام المأجورة، و الصحف المبتذلة، وطابور طويل من عبيد المديح، لا شك أنهابالمليارات، لكن أثرها تبخر، و صفوف عبيدها تصدعت، ثم نُسِفت كل تلك الجهود بصيحة من صيحات أهل المبادئ الأحرار، و لم تزد تلك الصيحة الهادرة عن كلمة : (إرحل ) ! فرحل المتسلطون رحيلا مخزيا، و غير مأسوف عليهم، فما عسى أن يكون حال مسؤول أقل شأن؟ لو أن المتسلط، أي متسلط يسلك الطريق السوي لما احتاج إلى أموال يبددها، و إمكانات ينفقها لعبيد يستكتبهم أو لمدّاحين يشتري مديحهم، أو لسفهاء يعطيهم ثم يحرضهم و يستعديهم! لو أن المتسلط، أي متسلط وظف الإمكانات المادية في الصالح العام، و أنفقها في خطة مرصودة و أهداف مرسومة؛ للموقع الذي يتبوؤه، أو المنصب الذي يشغله لانتزاع الإعجاب و المديح انتزاعا، و هو مرفوع الهامة باسم المحيا، و لما احتاج لشلة تلميع تخادعه بالقول المنفوخ، و هو مطأطئ الرأس مكفهر الوجه! يستيقظ المتسلط متأخرا، فإذا ما حوله سراب، و تاريخه يباب، و هو لا يستيقظ إلا على قرع يزلزل الأبواب، و كفى ب : إرحل! قرعا يخلع الأبواب و يزلزل الألباب. المسؤولية ليست تسلطا، و لا تصفية حسابات، و لا محاباة أقارب أو أصدقاء، و لا تبعية لإملاءات مذلة، و لا هي بقرة حلوبا يتطلع إلى دَرّتها، أو متجرا ينتظر غلّته و أرباحه ... المسؤولية واجب يؤديه المرء باقتدار أو يتخلى عنها باعتذار. المال يثمر و ينتج حين يوضع في مكانه الصحيح، و يدمر و يُهلِك حين لا يوظف في المكان الصحيح. شراء الذمم غش و إضاعة للمال، و أن يرضى إنسان ما بأن يُشترى؛ مهانة و ذل، مهما غالط المرء نفسه بأي عنوان، أو خادع ذاته بأي مبرر . مهانة ما بعدها مهانة أن يتحول الإنسان الى مجرد فرشاة طلاء تارة تحمل اللون الأسود و أخرى اللون الاصفر و ثالثة ما اختلط من الألوان! و تبقى حروف الأحرار كلمات تعطي أكلها كل حين بإذن ربها، فيما تتلاشى كلمات العببد كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.net/news200385.html