2020/04/05
مؤامرة كورونا التي بدأت قبل 18 سنة!

نظرية المؤامرة بسيطة، وتافهة.. وتفاهتها أحد أسباب انتشارها.

ذكاء محترفي نظريات المؤامرة نابع من استغلالهم لفجوات المعرفة عند العامة وبناء تفسيرات هلامية على أساس محرف.

سأعطيكم مثالاً..
يتداول الناس عددا كبيرا من الأفلام والمسلسلات والكتب والمقالات التي تتحدث عن فيروس كورونا. بعضها انتج أو صدر قبل سنتين وبعضها قبل عشر سنوات وبعضها قبل 18 سنة!

والنتيجة التي يتوصلون لها أن كورونا نتيجة مؤامرة عالمية وإلا كيف تحدثت كل هذه المواد عن الفيروس قبل ظهوره بفترة طويلة!

بل إن هذه المواد الإعلامية هي جزء من المؤامرة لأن غرضها تهيئة الجماهير للضربة/الوباء!

هذا التفسير ناتج عن فجوة معرفية بسيطة وكسل في البحث والتثبت، وأحيانا ناتج عن ذاكرة مضللة.

كورونا ليس اسما لفيروس ولكنه يطلق على عائلة ممتدة من الفيروسات ابتداء من الفيروس المسبب لنزلة البرد وصولا إلى فيروس كورونا- سارس SARS الذي ظهر في الصين عام 2002، وكورونا-الجِمال MERS الذي ظهر في السعودية عام 2012 بسبب مخالطة الجمال (شخصيا أسميه فيروس البخاري لأن شرب بول البعير كان أحد أسباب انتشاره!).

لهذا عندما يظهر فيلم Contagion عام 2011 الذي يتحدث عن وباء عالمي يسببه فيروس كورونا المنتقل من خفاش، فالفيلم كان يستند إلى الماضي (فيروس SARS) الذي انتقل أيضا من خفاش وكاد يتسبب في وباء عالمي.
وهذا ينطبق على بقية المسلسلات والمقالات التي تحدثت عن كورونا. وينطبق أيضا على مسحوق التنظيف الذي انتج قبل سنوات لدول الخليج وكتب على علبته من الخارج (يقضي على فيروس كورونا) لأن المقصود به انه يقضي على كورونا بول البعير MERS الذي هدد الدول الخليجية بسبب مخالطة الجِمال والازدحام في موسم الحج والعمرة.
يعود اكتشاف فيروسات كورونا إلى 1960م كأحد مسببات اضطرابات الجهاز التنفسي، وهناك عشرات الأبحاث في المجلات العلمية عن هذه الفيروسات.

بل إن وسائل الإعلام العربية في 2012 و 2013 ازدحمت بعشرات الاخبار عن وفيات فيروس كورونا في السعودية والإمارات، ولا شك أن ذاكرة ضعيفة او مشتتة فقط ستعتبر الحديث عن كورونا قبل 8 سنوات مؤامرة كونية.

وهذا هو سبب أن الاسم العلمي للفيروس الجديد هو كورونا-سارس2، بسبب تشابهه الجيني مع سارس1 الذي ظهر عام 202م.

باختصار... ليس هناك أضعف من نظريات المؤامرة.
إنها هشه وميتة مثلها مثل الفيروس، لكنها تخدع الجهاز العقلي الذي لا يحب الغارق وسط طوفان من الأخبار المتناقضة وتعيد إنتاج نفسها داخل الذهن عبر التخفي في صورة حقائق وأدلة مزيفة او مجتزأة او محرفة.


حسين الوادعي

تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://bawabatii.net/news261395.html