أثارت تصريحات نائب وزير الخارجية وشؤون المغتربين في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، مصطفى النعمان، موجة انتقادات حادة من سياسيين وإعلاميين يمنيين، على خلفية مقابلة تلفزيونية أجراها مع شبكة "بي بي إس" الأميركية، حذّر فيها من أن "إضعاف الحوثيين دون وجود بديل قوي قد يترك فراغًا قد تملؤه تنظيمات مثل القاعدة أو داعش، مما يهدد أمن اليمن والمنطقة بأسرها".
صياغة مربكة
وصف السفير اليمني لدى اليونيسكو، الدكتور محمد جميح، التصريحات بأنها "صياغة مربكة وغير موفقة"، وقال في منشور له: "إذا كان مقصد الأخ النائب هو الدعوة لدعم الحكومة، فهل هذه الصياغة تساعد على هذا الفهم؟!"
واعتبر جميح أن مثل هذا الخطاب يستدعي رواية الحوثيين الذين يبررون وجودهم بذريعة محاربة الجماعات المتطرفة، في حين أن الإرهاب الحقيقي هو ما يمارسه الحوثيون أنفسهم.
لماذا نردد الاكذوبة؟
من جانبه، اعتبر الكاتب والباحث السياسي عبدالله إسماعيل أن النعمان قدّم "خطابًا يبعث برسائل تخويف إلى المجتمع الدولي من تحرير مناطق سيطرة الحوثيين"، بينما كان الأجدر به – بحسب تعبيره – أن يطمئن العالم بقدرة الحكومة والجيش الوطني على ملء أي فراغ أمني محتمل.
وأضاف إسماعيل: "أين هي داعش والقاعدة في المناطق المحررة؟ نحن لا نراها إلا في خطاب الحوثيين، فلماذا نردد هذه الأكذوبة؟"
واستغرب إسماعيل من تكرار مثل هذا الخطاب، واعتبره مسيئًا للحكومة والجيش والشعب اليمني، بل ومتماهيًا – دون قصد – مع ما تسوقه مليشيا الحوثي من دعاية سوداء لتبرير بقائها.
خطاب مائع
الانتقادات لم تتوقف عند النخب السياسية والدبلوماسية، بل طالت أيضًا أوساطًا إعلامية، حيث قال الصحفي عبدالرقيب الهدياني: "هل يعقل أن هذا هو خطاب اليمن للخارج؟ وكأن كل تضحيات الجيش والحكومة والشعب لا تكفي في نظره لضمان الأمن بعد الحوثيين!"
في السياق ذاته، هاجم الصحفي نبيل صلاح أداء النعمان قائلاً إنه "يؤدي دور المحلل السياسي المحايد وليس نائب وزير في حكومة تخوض معركة وجودية ضد تنظيم طائفي مسلح مدعوم من إيران"، معتبراً أن هذا "الخطاب المائع" يقوّض رواية الشرعية ويضر بالموقف الرسمي اليمني.
وطالب عدد من المنتقدين، بينهم عبدالله إسماعيل، مجلس القيادة الرئاسي باتخاذ موقف واضح من هذه التصريحات، داعين وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان إلى محاسبة نائب الوزير وسؤاله: "أين هي داعش والقاعدة التي تحدث عنها؟"
يأتي هذا الجدل في وقت حساس تخوض فيه الحكومة اليمنية الشرعية معركة سياسية وعسكرية ضد مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، وسط جهود حثيثة لتحسين صورة الحكومة دولياً وحشد الدعم السياسي والعسكري لاستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب.