2025/05/24
لماذا سُمِّي يوم الجمعة سيِّد الأيام؟ ولماذا اصطفاه الإسلام؟

مع غروب شمس يوم الخميس، يستعد المسلمون في أنحاء العالم لاستقبال يوم الجمعة، ذلك اليوم الذي يُعدّ من أعظم أيام الأسبوع وأكثرها بركة، ويتبادر إلى الأذهان سؤال مهم: لماذا اختص الإسلام يوم الجمعة؟ ولماذا سُمِّي بـ"سيِّد الأيام"؟

فضل يوم الجمعة في الإسلام

ورد في الحديث الشريف عن أوس بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال:
«إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خُلِق آدم، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ»، فقال رجل: يا رسول الله، كيف تُعرض صلاتنا عليك وقد أرِمت؟ -يعني: بليت- فقال ﷺ: «إن الله قد حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء».

كما قال النبي ﷺ في حديث آخر رواه أبو هريرة رضي الله عنه:
«خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها» (رواه النسائي).

لماذا سُمِّي يوم الجمعة بهذا الاسم؟

ذكر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن يوم الجمعة سُمِّي كذلك لأن الله تعالى جمع فيه خلق آدم عليه السلام، وقيل إن سبب التسمية يرجع لاجتماع المسلمين فيه للصلاة. وكانت العرب في الجاهلية تطلق عليه اسم "العروبة"، أما أول صلاة جمعة في الإسلام فقد أُقيمت في مدينة رسول الله ﷺ.

ويُستدل من اللغة العربية على أن "الجمعة" من "جمع" أي وحَّد، واجتمع، ومنها جاءت معاني الاجتماع والتلاحم، وهو ما يعكس الهدف من هذا اليوم الذي يجتمع فيه المسلمون لأداء صلاة الجمعة، والاستماع للخطبة، ومناقشة أمور دينهم ودنياهم، والتواصل فيما بينهم.

الخصوصية الروحية والاجتماعية ليوم الجمعة

يرى الشيخ محمد متولي الشعراوي، رحمه الله، أن يوم الجمعة هو يوم عيد للمسلمين، وهو اليوم الذي تمّ فيه خلق الكون، ففيه اجتمع نظام الوجود، ومن هنا كانت رمزية اجتماعه للبشر أيضًا.

وأضاف الشيخ الشعراوي: خص الله هذا اليوم بترك البيع عند النداء للصلاة، فقال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ (الجمعة: 9)، وذلك لأن البيع يُمثل ذروة الحركة الاقتصادية، وهو أكثر الأعمال جاذبية للإنسان بسبب ربحه العاجل، ومع ذلك يُؤمر المؤمن بتركه ليتفرغ لعبادة ربه، في إشارة إلى أن ذكر الله مقدم على كل شيء.

وأشار الشيخ إلى أن صلاة الجمعة تخلق نوعًا من التلاحم الاجتماعي، حيث لا تُقام إلا جماعة، وتجمع الناس من مختلف الطبقات، الغني والفقير، الحاكم والمحكوم، ليقف الجميع على قدم المساواة أمام الله. ومن خلال هذا الاجتماع يعرف الناس أحوال بعضهم، ويتفقدون الغائب، ويتعاونون في قضايا مجتمعهم.

يوم الجمعة ليس مجرد يوم في نهاية الأسبوع، بل هو مناسبة روحية واجتماعية عظيمة، فُضِّل على سائر الأيام، وجُعل له من الخصوصية والبركة ما يجعله عيدًا أسبوعيًا للمسلمين، فيه يتجدد الإيمان، وتُعزز الروابط، وتُستجاب الدعوات، وتُغفر الذنوب، ويُعرض العمل على الله في أبهى صورة من صور العبادة والاجتماع.

تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://www.bawabatii.com/news329564.html