في شمال تعز، حيث تقف الجبال شاهدة على سنوات من الحرب والنزيف، تعود مليشيا الحوثي لتكثف تحركاتها العسكرية، هذه المرة بخطى أوسع وأدق، وكأنها تُهيّئ الأرض لمعركة جديدة. مصادر عسكرية ومحلية كشفت عن تصعيد غير مسبوق، شمل إنشاء معسكرات تدريب جديدة، وحفر أنفاق وخنادق في مناطق استراتيجية، وشق طرق وعرة في المرتفعات الجبلية، ضمن استعدادات تُنذر بجولة جديدة من التصعيد المسلح.

في محيط شارع الستين ومديرية التعزية، نصبت الجماعة معسكراتها، وحشدت العشرات من الشباب وصغار السن في طوابير تدريبية قسرية، وسط استغلال فاضح للفقر والحاجة. هناك، لا تُسمع إلا الأوامر والتلقين، ولا تُرى سوى ملامح الوجوه اليافعة التي اختُطفت من مقاعد المدارس إلى ساحات الموت.

في منطقة "الكسارة"، توسعت المليشيا في استحداث معسكرات إضافية، واستغلت القيود الاقتصادية لتوسيع دائرة التجنيد، بينما قادتها يطرقون أبواب العُقّال والمشائخ في مناطق "الهشمة، الأجعود، الحيمة"، مطالبين بإرسال مزيد من الأبناء – حتى الأطفال – إلى معسكرات الموت، دون أدنى اعتبار لقيم إنسانية أو مواثيق دولية.

بالتوازي، تواصل المليشيا حفر الخنادق والأنفاق في مواقع متقدمة على خطوط التماس، في تحركات توحي بتحصينات طويلة الأمد. كما باشرت بشق طرق جبلية جديدة، تصل بين مواقعها في التباب والمرتفعات الممتدة من مفرق شرعب إلى مفرق الذكرة، في مشهد يعيد رسم الجغرافيا العسكرية لمعركة لم تُعلن بعد، لكن التحضيرات تؤكد أن طبولها بدأت تُقرع من أعماق الأرض.