كشفت وثائق مسرّبة عن واحدة من أكبر شبكات الفساد المالي التي طالت القطاع الصحي في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، يقودها القيادي في الجماعة ووزير الصحة السابق في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا، طه المتوكل.

وبحسب الوثائق، فإن المتوكل أنشأ منظومة جباية مالية ممنهجة على مدى ثمانية أعوام، استهدفت شركات الأدوية والمستشفيات العامة والخاصة، عبر ما يُعرف بـ"صندوق خاص" يتبع له مباشرة، ويعمل خارج إطار الوزارة والمؤسسات الرسمية.

ووفقًا للمصادر، أُجبرت شركات الأدوية على دفع ما لا يقل عن 100 ألف دولار سنويًا لكل شركة إلى هذا الصندوق، دون أن تُسجل هذه المبالغ في أي من سجلات الدولة أو الحسابات المالية الرسمية، ما يشير إلى تحويلها لحسابات شخصية. وتشير الوثائق إلى وجود أكثر من 400 سند توثق عمليات الدفع هذه، ما يعكس حجم العوائد التي تم جبايتها بشكل غير قانوني.

كما طالت الجباية المستشفيات الحكومية، التي فُرضت عليها مبالغ مالية تتراوح بين 5 إلى 10 ملايين ريال يمني لكل منشأة، يتم اقتطاعها من مخصصات تشغيلية أساسية كالمحاليل الطبية والصيانة، دون إصدار إيصالات أو توثيق رسمي لتلك العمليات، في مسعى واضح لطمس أي دليل قد يُستخدم في ملاحقة لاحقة.

وبحسب المعلومات المتاحة، فإن هذه الأموال لم تمر بأي قنوات حكومية، بل خرجت من الوزارة بأساليب منظمة، مستفيدة من الغطاء الوزاري والولاءات الطائفية، في عملية فساد عطلت البنية التحتية للقطاع الصحي، وحوّلت العديد من المستشفيات إلى منشآت شبه مغلقة بلا أدوية ولا خدمات أساسية.

وتسلّط هذه التسريبات الضوء على جانب من الانهيار العميق في القطاع الصحي اليمني، الذي يعاني من ضعف مزمن في التمويل والخدمات، في ظل حكم جماعة الحوثي، التي تُتهم بتحويل المؤسسات الخدمية إلى أدوات جباية، وباستخدام المرضى كمصدر تمويل غير مشروع لمشاريعها السياسية والخاصة.