لم تكن قضية المسلمة الأمريكية “سمانثا إيلاوف”، التي أقامتها ضد إحدى شركات الملابس قبل 7 سنوات؛ بسبب رفض الشركة توظيفها لأنها محجبة سوى واحدة من عشرات بل مئات القضايا التي أقامها شباب وشابات امتنعت الشركات عن توظيفهم بسبب أزيائهم أو أسمائهم الإسلامية، أو لون بشرتهم، وإذا كانت “إيلاوف” استطاعت أن تحصل على حكم من المحكمة الأمريكية العليا ضد شركة “أبركرومبي ـ فيتش” للألبسة، فان هناك الكثير من الحالات التي لم يجأ أصحابها إلى المحاكم نظرًا لبطء التقاضي، وعدم القدرة على مواصلة الدعاوى ودفع نفقات مكاتب المحاماة.
“سمانثا إيلاوف” التي تسكن مدينة “تولسا” بولاية “أوكلاهوما”، تقدمت عام 2008 بطلبٍ لشركة “أبركرومبي ـ فيتش” للألبسة، من أجل العمل في قسم ملابس الأطفال، وكانت -آنذاك- تبلغ من العمر 17عامًا ، إلا أن الشركة رفضت طلبها بداعي “مخالفتها للسياسة المتبعة بشأن ملابس العاملين”، لأنها ترتدي الحجاب، وتفاعلت معها منظمات حقوقية، كما حركت لجنة المساواة في فرص العمل في أمريكا – وكالة اتحادية – دعوى على الشركة نيابة عن سامانثا إلى المحكمة العليا.
وأكدت المحكمة الأمريكية العليا، في قرارها – الذي جاء بتأييد 8 أعضاء مقابل 1- أن الشركة يجب عليها توفير المناخ الذي يسمح للعاملين بها بتأدية عباداتهم، منوهة بأنه لا يحق للشركة، رفض أيّ شخص يتقدم للعمل بها، بسبب معتقداته الدينية، وأفادت المحكمة بأن “إيلاوف” كانت ترتدي حجابًا أسود خلال إجرائها لقاءً مع نائب مدير الشركة، الذي وافق على تعيينها، إلا أن مديرًا أعلى منه، رفض توظيفها بسبب حجابها، ورغم أن شركة “أبركرومبي ـ فيتش” غيرت سياساتها تجاه الحجاب في الفترات الأخيرة، فإنها لاتزال ترفض ارتداء العاملات للحجاب الأسود، بالإضافة إلى أن قانون الحقوق المدنية الذي صدر في الولايات المتحدة الأميركية عام 1964 يمنع التفرقة بين العاملين، بسبب انتماءاتهم الدينية أو الإثنية( العرقية).
وأفادت لجنة المساواة في فرص العمل بأمريكا بأن الحالات التي يلاقيها المسلمون بشأن التمييز العنصري بسبب الدين أكثر مما تلاقيه أي جماعة دينية أخرى.
ولاقت قضية سامنثا مساندة ملحوظة من بعض الجماعات الممثلة للمسيحيين واليهود والسيخ، ويعد الحكم انتصارًا للجنة الأميركية لتكافؤ فرص العمل، وهي الوكالة الاتحادية التي أقامت الدعوى ضد الشركة نيابة عن العوف.
وقالت “سامانثا إيلاوف” في بيان أصدرته اللجنة الأميركية لتكافؤ فرص العمل: “كان يجب ألا تحول معتقداتي دون حصولي على الوظيفة، أنا سعيدة لأنني دافعت عن حقوقي، ولأن اللجنة الأميركية لتكافؤ فرص العمل كانت معي ونقلت شكواي إلى المحاكم”.
وكانت إيلاوف البالغة من العمر 24 عامًا، حصلت من قبل على حكم من محكمة اتحادية بالحصول على تعويض قدره 20 ألف دولار من آبركرومبي، لكن محكمة الاستئناف في دنفر ألغت هذا الحكم قبل أن تقضي المحكمة العليا لصالحها.
وقال نهاد عوض، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية: “نرحب بهذا الحكم التاريخي المُدافع عن الحريات الدينية في وقت تواجه فيه الجالية الإسلامية الأميركية مستويات متزايدة من الإسلاموفوبيا”، وذكرت جماعات إسلامية في وثائق قدمت للمحكمة لدعم إيلاوف، أن التمييز في التوظيف ضد المسلمين منتشر في الولايات المتحدة، وأكثر ما يثيره حجاب النساء.
ووجه المجلس اهتمامه للاتصالات الإلكترونية، بغية استنهاض الرأي الأمريكي والعالمي المسلم لمساندة القضايا الإسلامية في أمريكا، وللدفاع عن الدين الإسلامي، وتوعية الجالية الأمريكية المسلمة بحقوقها المدنية التي يكفله لها القانون.
وجدير بالذكر أن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) تأسس عام 1992م، على يد ثلاثة من الشباب الأمريكي المسلم وهم(نهاد عوض)، و(عمر أحمد)و كلاهما من أصل فلسطيني، أما الثالث فهو( إبراهيم هوبر ) وهو كندي اعتنق الإسلام، ويتخذ المجلس من واشنطن مقرًا له وأهدافه هي الدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين، والتعريف بها، ورد الأفكار النمطية المغرضة الشائعة عن الإسلام، وتدريب الشباب المسلم في مجالات العلاقات الإعلامية.
ووجه المجلس اهتمامه للاتصالات الإلكترونية، بغية استنهاض الرأي الأمريكي والعالمي المسلم لمساندة القضايا الإسلامية في أمريكا، والدفاع عن الدين الإسلامي، وتوعية الجالية الأمريكية المسلمة بحقوقها المدنية التي يكفله لها القانون، وحقق المجلس انتصارات عديدة في مجال التوعية بالحقوق المدنية، واستطاع إجبار شركة (نايك) الأمريكية المتخصصة في صناعة المعدات الرياضية، على الاعتذار، وسحب أحذيتها الرياضية الحاملة لاسم الجلالة، إثر حملة الاحتجاج التي وقف خلفها مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، لتقوم الشركة بعد ذلك في بادرة لإظهار حسن نية، بتمويل بناء ملاعب في عدة مدارس إسلامية قائمة في أمريكا، فضلاً عن حملته ضد شركة (فوكس)السينمائية التي رفضت استوديوهاتها إزالة المشاهد والعبارات المسيئة للمسلمين من أحد أفلامها، ولم تتوقف حملة الاحتجاج إلا بعد أن مني منتج الفيلم بخسارة عشرين مليون دولار .
ويقول نهاد عوض: أعتقد أن أهم إنجازات مؤسسة كير (Care)، أو مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية على مستوى الولايات المتحدة، أنها رفعت المستوى الثقافي والوعي السياسي للمسلمين في أمريكا، وأنها أعانت جيلاً جديدًا من النشطاء المسلمين على مستوى القارة الأمريكية بأخذ دور فاعل ونشط في التأثير في نظرة الآخرين للمسلمين وتأثرهم بوجود الجالية المسلمة؛ من خلال إيجاد شبكة منظمة من الناشطين في جميع المراكز الإسلامية على مستوى الولايات المتحدة.