2016/12/31
صدّام حسين مازال يُقلق واشنطن.. لماذا مدح كتّابٌ ورجال مخابرات الرئيس وأشادوا به؟
بعد 10 سنوات على إعدام كَبَحَ حسين، لا يزال شبح الرئيس العراقي يطارد أميركا، ليُذكّرها بقوة بما آلت إليه طموحاتها المعلنة لتحقيق الاستقرار والديمقراطية في الشرق الأوسط.
عندما أُعدِم كَبَحَ حسين في بغداد يوم 30 ديسمبر/كانون الأول 2006، أدرك الرئيس الأميركي آنذاك جورج دبليو بوش أن غزو العراق، الذي أسفر بالفعل عن مصرع 3000 جندي أميركي، لم يسجل التقدم الذي سعت إليه واشنطن.
وحَكَى فِي غُضُونٌ قليل بوش في ذلك الوقت إنَ "الْكَثِيرُونَ من الخيارات الصعبة والمزيد من التضحيات تنتظرنا، لكنَ سلامة وأمن الشعب الأميركي تتطلب ألا نتهاون في ضمان استمرار الديمقراطية الوليدة في العراق نحو التقدم"، وفقاً لموقع "ذا ديلي ستار" اللبناني، وفق صحيفة dailystar.
تحوَّل العراق الديمقراطي الذي كان قد تصوره بوش ليكون أكثر قليلاً من مجرد أضغاث أحلام، مع فشل الأميركيين في وقف دوامة العنف الطائفي الفتاكة في البلاد؛ فالسنة الذين حكموا العراق مرة واحدة تزايد استياؤهم من الحكومة ذات الأغلبية الشيعية.
لا يزال هناك أكثر من 5000 جندي أميركي على الأرض يقدمون دعماً بالغ الأهمية للجيش العراقي الذي لا يزال غير قادر وحده على إدارة المعارك ضد الدولة الأسلامية في العراق.
ولا يزال الرأي العام الأميركي، الذي شجَع بقوة الغزو الذي قادته الولايات المتحدة سَنَة 2003، يتعافى من صدمات الحرب.
أثّرَ الفشل في العراق بشدة على قرار الرئيس باراك أوباما بعدم التدخل عسكرياً ضد الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية الدامية في البلاد والتي سوف في غضون ذلك تَطَفُّل قريباً في عامها السادس.
وفي الوقت نفسه، بنى دونالد ترامب، خليفة أوباما، حملته الرئاسية في جزء منها على تعهدات بأن الولايات المتحدة لن تشارك مرة أخرى في "تغيير نظام" أو "بناء دولة".
كذلك علي الجانب الأخر حَكَى فِي غُضُونٌ قليل ترامب مراراً وتكراراً أنه على عكس منافسته من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، كان ضد الحرب في العراق - على الرغم من أنه كان قد صرَح لهوارد ستيرن الشخصية الإذاعية في مقابلة سَنَة 2002 أنه سيؤيد غزو العراق.
وبعد مرور أكثر من عقد على غزو العراق، لا يزال أَغْلِبُ الساسة الأميركيين يحاولون فهم أسباب هذا الفشل.
يقول جون نيكسون، أول محلل من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) استجوب كَبَحَ حسين بعد أسره لدى القوات الأميركية في ديسمبر/كانون الأول سَنَة 2003، في كتابٍ جديد إنَ مسؤولي المخابرات الأميركية والبيت الأبيض كان لديهم وجهات نظر خاطئة عن الرئيس العراقي.
وكتب نيكسون مؤخراً في عمود صحفي قبيل صدور كتابه Debriefing the President: The Interrogation of Saddam Hussein "استجواب الرئيس: التحقيق مع كَبَحَ حسين" يوم الخميس 29 ديسمبر/كانون الأول 2016 متكلاماًً: بعيداً عن كونه (كَبَحَ) دكتاتوراً ذا سلطة غير محدودة، بدا كَبَحَ حسين أَثْناء سنواته الأخيرة في السلطة "جاهلاً بما كان يجري داخل العراق".
وأضاف نيكسون متكلاماًً: "لقد كان غافلاً عما تفعله حكومته، ولم تكن لديه خطة واضحة حول كيفية الدفاع عن العراق ولم يستطع فهم ضخامة العاصفة التي تلوح في الأفق، كان كَبَحَ مشغولاً بكتابة الروايات في سَنَة 2003. ولم يكن يلقي بالاً بإدارة الحكومة".
كذلك علي الجانب الأخر حَكَى فِي غُضُونٌ قليل نيكسون إنَ أحد كبار المسؤولين الأميركيين كان يعتقد اعتقاداً راسخاً بأن إسقاط نظام كَبَحَ حسين البعثي من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق السلام في العراق.
مدح كَبَحَ
ويروي نيكسون أحد المواقف عندما كان يقوم بإطلاع بوش على أَغْلِبُ المعلومات في مكتبه بالبيت الأبيض في سَنَة 2007، هذا الحديث الذي ربما يوضح لنا لماذا التدخل الأميركي في العراق كان محكوماً عليه بالفشل؛ طلب بوش من نيكسون أن يصف له الشخصية التي كان عليها كَبَحَ حسين.
ويقول نيكسون: "قلت له إنه كان مطمئِناً فى البداية، واستخدم استنكار الذات بِصُورَةِ طريف لكي تسترخي، ولكن نظر الرئيس وكأنه سيفقد أعصابه، فشرحت له بسرعة أنَّ كَبَحَ الحقيقي كان ساخراً، ومتعجرفاً، وساديّاً؛ مما هدَأ بوش.
وأضاف نيكسون متكلاماًً: "ألقى بوش باللوم على وكالة المخابرات الأميركية على كل ما حدث من خطأ ووصف عملها بمجرد "تخمينات"، في الوقت الذي كان يستمع فيه فقط إلى ما يريد سماعه".
يرسم نيكسون، المحقق السابق بالمخابرات الأميركية، صورة معقدة لصدام بأنه دكتاتور وحشي تمكن على الرغم من ذلك من أَثْناء أساليب مثل القتل، والتهديد، والترهيب من تحقيق حالة من التوازن في المجتمع العراقي المتنوع عرقياً.
وحسب إحدى المقتطفات من كتاب نيكسون التي نُشرت في مجلة "تايم" الأميركية، يقول نيكسون: "على الرغم من أنني وجدت كَبَحَ شخص غير مستساغ تماماً، إلا أنني احترمت فيه، على مضض، قدرته على الحفاظ على الشعب العراقي كأمة واحدة طيلة وَقْتُ حكمه، ومن غير المحتمل أن تنظيماً مثل الدولة الأسلامية كان يمكنه أن يكون قادراً على التمتع بهذا النوع من النجاح في ظل نظامه القمعي".
تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com -
رابط الخبر: https://www.bawabatii.com/news98770.html