السبت 20 ابريل 2024
من خالدات الفضول والارياني إلي نباحيات عيسى الليث !
الساعة 09:28 صباحاً
عادل الأحمدي عادل الأحمدي

 

حينما كان الهواء السبتمبري يملأ رئة الشاعر والفنان، كان ثمة موجة مدروسة من الفن الموجّه نحو الزارع والعامل والعاشق والجندي والتلميذ، تربط الإنتاج بالوطنية، والحب بالبن، والصبر بالنصر.

رائعة مطهر الإرياني وعلى الآنسي (الحب والبن) مثال على ذلك:

ميعادنا واحبيبي كان لا خير قادم
كم قلت ليت الزمن يا خل كله مواسم
واليوم عيد الجنى بانت له أول علايم
بشاير أول ثمر في لون ياقوت قاني

وعلى ذات السياق، غنّى محمد حمود الحارثي للعامل في المصنع في رائعته "مصانع باجل"، والتي اختفت تماما من وسائل الإعلام، وليس لها أثر في مواقع الفيديو على الانترنت، تماما مثلما اختفى أوبريت "سد وادي سبأ"، الذي كان قطعة فنية آسرة منتصف الثمانينات.

ضف إليها العديد من أغاني أيوب طارش الذي أنشد للزارع والراعي والمغترب والعريس بمفردات تنمّي في المتذوق بواعث الوفاء وتساعده على إكمال الحياة:

مهما يلوعني الحنينْ
شاصبر واراعي لك سنينْ
واعطيك كل العمر ما دامك على عهدك أمينْ

وارتبطت كذلك، أناشيد العمل والإنتاج بالحث على النزاهة والعصامية: "ما في المقايل لنا خير، ولا السؤال من يد الغير".

وأنشد أيوب من كلمات عثمان أبو ماهر مخاطبا ابن التهايم:

عروسة امبحر تدعي لك وا خي امقمر
تقول يا ابن التهايم حان غرس امشجر
غرّس وأنا بامعرق شاروي عروق امشجر

أو حينما يمدح "حاملات الشريم” والطل فوق الحشائش، ليكون طلبه بعد ذلك: “هيا اسبقين الطيور وبكرين من غماشش".

أستاذ الفنانين محمد مرشد ناجي كان يعزف من عدن ذات السمفونية الرائعة، واصفاً القطن داخل المحالج: "يا محلاه في المحلج، يا محلاه يترجرج".

بينما يتغزل الموسيقار أحمد السنيدار بجانيات عناقيد العنب:

يا جانيات العناقيد
طاب العنب طاب يا غيد
والله لا اسامر الجيد
لوما تضي المضية

ثقافة الإنتاج هي أخت ثقافة الوطنية، وأخت ثقافة الحشمة والصدق والوفاء، وكلهن بنات الأدب الرفيع والقراءة العميقة لليمن المدفون في عيون الكتب وأشواق الناس.

كان ذلك قبل أن تبث مخلفات الإمامة سمومها من جديد، ليضرب الهلع أصحاب الأقلام الجميلة التي تركت مضمار نفوذها الوجداني لتحاول اللحاق المحموم بعجلة المترفين، في الوقت الذي عانت فيه البلاد من سلبية المثقف الأصيل وحنكة المثقف الهزيل، إلى أن تسيّد السياسي على المثقف، وأصبح الصحفي أسيراً في إبط المنظمة، ووقع الفنان في قبضة تاجر المخدرات.

كل ذلك أدى إلى هذه الارتكاسة التي دفنت كل شيء جميل وجاءت بشيء مسخ يتجسد أكثر ما يكون بنباحيات عيسى الليث.

ذلك الفن العظيم نتاج ال٢٦ من سبتمبر، وقد كان رديفا لكل معاني الحياة والسعادة والنشاط والجمال. بينما هذي المسوخ التي تلوث حياتنا اليوم، هي نتاج مخلفات الكهانة، وقد صارت رديفا لكل معاني الموت والضياع والفاقة والمذلة.

ينبغي على اليمني أن يستعيد شبابه وشُبابته، وأن يحطم بورزان النحس والدبور، وأن يحسم بكل حواسه معركة المصير، مرددا مع أيوب:

هذي بلادي.. وانا فلاحها والبتول


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار