السبت 10 مايو 2025
فهلوة المستميت الذي لا يستحي
الساعة 11:34 مساءً
عادل الأحمدي عادل الأحمدي

ينتابك العجب وأنت ترى فعايل الدعاية وقدرتها في قلب الحقائق وتشكيل القناعات بصورة مغايرة للواقع 180 درجة.

شاهد الحال هو أحمد عوض بن مبارك، رئيس الوزراء المُقال الذي كان جاثوما على صدر الحكومة وأخطبوطا للفساد ولكنه نجح في تسويق صورة أخرى عند كثير من البعيدين عن مجريات الأمور، وساعده في ذلك مماحكات تيارات كانت تجد فيه كرتا للمقايضة.

بداية نؤكد أن الفساد حاصل ومتصاعد ويهدر الطاقات والموارد، ولكن نؤكد وبكل ثقة أن بن مبارك لم يكن يوما محاربا للفساد بل كان حاميا له ولا أدل على ذلك من تمسكه المستميت بهامور الفساد أنيس باحارثة الذي كان يشغل 3 مواقع حكومية حساسة (مدير مكتب رئيس الوزراء، رئيس هيئة الأراضي، رئيس هيئة الاستثمار).

لم يكن التمسك بالهامور باحارثة مجديا وصار محتما عزله فاشترط بن مبارك أن يعزل معه مطيع دماج أمين عام مجلس الوزراء أحد أكفأ وأنزه الشخصيات الحكومية بشهادة الجميع. والغريب أن باحارثة ظل يمارس عمله من تحت الطاولة كمدير لمكتب بن مبارك حتى بعد عزله!

بعد تعيينه رئيسا للوزراء، بدأ بن مبارك إجراءاته بتنصيب خبراء على الوزارات أشبه بدور المشرفين في سلطة الحوثي، وعمل على تقييد عمل الوزراء بطريقة أثارت استياء أغلب أعضاء الحكومة الذين قاطعوا جلسات المجلس فأشاع بن مبارك أن السبب هو قيامه بمحاربة الفساد، علما أن الوزراء المعترضين هم من كل التيارات والقوى.

استمر بن مبارك بإنجاز الفهلوة وأفرغ الحكومة من محتواها وأوجد أزمة في الرواتب، وأشغل الرأي العام بالمعارك الثنائية وبث شائعات أنه يواجه حربا من رئيس وأعضاء مجلس القيادة لأنه شرع في اصلاحات جادة، حد زعمه.

استقبلت خزينته نصف مليار دولار ولم يتعدل سعر الصرف ريالا واحدا بل ظل الارتفاع الجنوني سيد الموقف، وتدهورت الخدمات العامة الى حد لا يطاق. 

وجد نفسه مع الفشل وجها لوجه وظل يكابر وراح يمشي بالوقيعة بين المكونات، وحاول استمالة أطراف حتى لا ينعقد الإجماع الكافي لعزله. 

ليس هذا فحسب بل مضى زاعما أنه يواجه تحديات بسبب إصراره على عودة المسؤولين للداخل وبالطبع فإن جميع الوزراء الذين طالبوا بتغييره موجودون بالداخل أصلا.

استفاد بن مبارك من بهلوانياته في كسب بعض الوقت ولكن فشله كان أوضح من عين الشمس وهنا وجد نفسه مضطرا لحيلة جديدة وهي القول إن الخلل في المؤسسة وليس في الأشخاص وأن تغييره لن يغير من الوضع شيئا.

وحين تيقن من توقيع قرار عزله استبق القرار بنشر استقالة ممهورة بأثر رجعي علها تخلط الأوراق وتسهم في عزل الحكومة جمعاء لكن القرار الرئاسي جاء متجاهلا تلك الاستقالة المتأخرة وتم تعيين وزير المالية سالم صالح بن بريك خلفا له.

لقد كانت الرفسة الأخيرة مقززة ولكن الغالبية سكت عنه بمبرر أن الرجل ذاهب فلا داعي للزفة.

لم يكن قرار العزل مبهجا لكل من يعرف كارثية بن مبارك لأنه كان يستحق العزل والتحقيق وحرمانه من أية مناصب مستقبلية ولكن، وكما جرى العرف، تم تعيينه مستشارا لرئيس مجلس القيادة.

لم يهدأ الرجل ولايزال يلعب من تحت الطاولة ويختلق الأكاذيب أملا في تعيينه بمنصب جديد، والحقيقة أن تعيينه كان خطيئة بالأساس، وأن أي ترضية له لا تعني إلا أن نقرأ الفاتحة على ما تبقى من بصيص أمل. https://www.facebook.com/share/p/192pWN4yWP/ 


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار