الخميس 25 ابريل 2024
الرئيسية - كتابات - حروف الأحرار أقوى من الدولار
حروف الأحرار أقوى من الدولار
A11T_25_11_2016_10_21_48
الساعة 12:31 مساءً
احمد عبدالملك المقرمي بمقدور المال أن يشتري العبيد، لكنه أضعف من أن يؤثر في الأحرار فضلا عن أن يساومهم أو يشتريهم، ذلك لأن المال عبد للمبدأ و ليس العكس . بمقدور متسلط أو مسؤول ما أن يشتري عبيدا لإثارة الغبار، لكن ليس باستطاعتهم حجب نور الشمس و وهجها، بمقدور أي متسلط أن يبتاع حفنة أقلام يسخرها تلميعا لذاته، أو مدحا لشخصه، و كذا تسفيها لمناوئيه و شتما لمعارضيه، و فوق أنها في النهاية لا تحقق له هدفا و لا تغير من الحقيقة شيئا، تبقى أيضا حروف الأحرار نورا و هدى، و علامات و بالحر هم يهتدون. واقع الحياة يقول هذا تماما، فكم هو حجم و كمّ المديح الذي قيل تلميعا و تزلفا لرؤساء دول مضوا، و كم هو المال المهول الذي أنفق لشراء الأقلام المأجورة، و الصحف المبتذلة، وطابور طويل من عبيد المديح، لا شك أنهابالمليارات، لكن أثرها تبخر، و صفوف عبيدها تصدعت، ثم نُسِفت كل تلك الجهود بصيحة من صيحات أهل المبادئ الأحرار، و لم تزد تلك الصيحة الهادرة عن كلمة : (إرحل ) ! فرحل المتسلطون رحيلا مخزيا، و غير مأسوف عليهم، فما عسى أن يكون حال مسؤول أقل شأن؟ لو أن المتسلط، أي متسلط يسلك الطريق السوي لما احتاج إلى أموال يبددها، و إمكانات ينفقها لعبيد يستكتبهم أو لمدّاحين يشتري مديحهم، أو لسفهاء يعطيهم ثم يحرضهم و يستعديهم! لو أن المتسلط، أي متسلط وظف الإمكانات المادية في الصالح العام، و أنفقها في خطة مرصودة و أهداف مرسومة؛ للموقع الذي يتبوؤه، أو المنصب الذي يشغله لانتزاع الإعجاب و المديح انتزاعا، و هو مرفوع الهامة باسم المحيا، و لما احتاج لشلة تلميع تخادعه بالقول المنفوخ، و هو مطأطئ الرأس مكفهر الوجه! يستيقظ المتسلط متأخرا، فإذا ما حوله سراب، و تاريخه يباب، و هو لا يستيقظ إلا على قرع يزلزل الأبواب، و كفى ب : إرحل! قرعا يخلع الأبواب و يزلزل الألباب. المسؤولية ليست تسلطا، و لا تصفية حسابات، و لا محاباة أقارب أو أصدقاء، و لا تبعية لإملاءات مذلة، و لا هي بقرة حلوبا يتطلع إلى دَرّتها، أو متجرا ينتظر غلّته و أرباحه ... المسؤولية واجب يؤديه المرء باقتدار أو يتخلى عنها باعتذار. المال يثمر و ينتج حين يوضع في مكانه الصحيح، و يدمر و يُهلِك حين لا يوظف في المكان الصحيح. شراء الذمم غش و إضاعة للمال، و أن يرضى إنسان ما بأن يُشترى؛ مهانة و ذل، مهما غالط المرء نفسه بأي عنوان، أو خادع ذاته بأي مبرر . مهانة ما بعدها مهانة أن يتحول الإنسان الى مجرد فرشاة طلاء تارة تحمل اللون الأسود و أخرى اللون الاصفر و ثالثة ما اختلط من الألوان! و تبقى حروف الأحرار كلمات تعطي أكلها كل حين بإذن ربها، فيما تتلاشى كلمات العببد كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.

آخر الأخبار