آخر الأخبار


الخميس 8 مايو 2025
بقلم: هارلان أولمان*
ما يحدث في البحر الأحمر واليمن يُعد مثالاً استثنائيًا على التأثير الجيوستراتيجي الذي يمكن أن تُحدثه مجموعة صغيرة ومنظمة نسبيًا.
وعلى عكس تنظيم القاعدة، الذي شنّ هجمات 11 سبتمبر 2001 على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، مما استدعى رداً أدى إلى حرب لا تنتهي في أفغانستان، فإن الحوثيين في اليمن قادرون على مواصلة حملاتهم باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ.
ولا يُستبعد أن يتمكن الحوثيون من افتعال أزمة تضاهي في حجمها ما حدث في 11 سبتمبر.
لقد أصبح البحر الأحمر مغلقًا فعليًا أمام معظم حركة الشحن التجاري بسبب تهديدات الحوثيين بهجمات صاروخية وطائرات مسيّرة. وتقوم البحرية الأميركية بالحفاظ على وجودها في البحر الأحمر لحماية السفن التي تجرؤ على العبور، وقد شنت ضربات جوية وصاروخية على مئات الأهداف الحوثية. والحوثيون يردّون بالمثل.
[قال الرئيس دونالد ترامب يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة ستوقف القصف ضد الحوثيين بعد أن أبلغت الجماعة واشنطن بأنها "لا تريد القتال بعد الآن."]
حتى الآن، لم تُصَب أو تُلحَق أضرار بأي سفينة حربية أميركية. لكن نسبة تكلفة الأسلحة المستخدمة تصب بشكل كبير في صالح الحوثيين.
فمقابل طائرات مسيّرة وصواريخ باليستية زهيدة الثمن نسبيًا، تطلق البحرية الأميركية ذخائر باهظة الثمن. فمثلاً، تكلّف رشقة واحدة من سلاح "فالانكس" القريب الدفاعي عيار 20 ملم نحو 3500 دولار من الذخيرة، بينما يكلف صاروخ SM-6 ما بين 3 إلى 4 ملايين دولار. إذًا، من الذي يربح في هذه المعادلة؟
القليل من الناس يعرفون الكثير عن الحوثيين. فقد تأسست الجماعة تحت اسم "أنصار الله" في منتصف التسعينات كحركة مناهضة للولايات المتحدة، ولدول الخليج السنية، ولإسرائيل. ويُقدّر عدد أفرادها اليوم بين 100,000 و200,000.
ونظرًا لانخراطها الفعّال في الصراع، وقيامها بمهاجمة السعودية عام 2015، فإن الحوثيين يسيطرون الآن على صنعاء، عاصمة اليمن، ومعظم شمال البلاد. وبالإضافة إلى حصولهم على طائرات وصواريخ من إيران، فقد بات لديهم القدرة على تصنيع طائراتهم المسيّرة محليًا.
وقد أظهر هجوم الحوثيين الأسبوع الماضي على مطار بن غوريون في تل أبيب باستخدام صاروخ باليستي مدى قدرتهم على افتعال أزمة كبرى. وقد ورد أن إسرائيل ردّت على ذلك، لكن فعالية الرد الإسرائيلي العسكري لا تزال موضع تساؤل، خاصة في ظل الضربات الأميركية الواسعة على منشآت حوثية.
وما يدعو للقلق أكثر، أن اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند وزوجته الحامل صوفي في سراييفو على يد جافريلو برينسيب في يونيو 1914 أدى إلى سلسلة من الأحداث التي أشعلت الحرب العالمية الأولى.
فهل يمكن للحوثيين أن يصبحوا نسخة القرن الحادي والعشرين من برينسيب؟ وهناك العديد من "الضحايا" المحتملين لأداء هذا الدور، كما كان حال الأرشيدوق. فالهجمات على السعودية، أو التصعيد ضد إسرائيل، أو توجيه ضربة كبرى إلى سفينة حربية أميركية، كلها سيناريوهات ذات تبعات هائلة.
ورغم أن الأمر لا يرقى لبشاعة هجمات حماس في 7 أكتوبر، فإن الحوثيين قد يدفعون إسرائيل إلى تنفيذ ضربات انتقامية جديدة، مما قد يجهدها عسكريًا، وهي الغارقة أصلًا في صراع غزة.
تخيلوا أن تُضرَب سفينة حربية أميركية. هل سيكون ذلك شبيهًا بحادثة خليج تونكين في أغسطس 1964، ولكن هذه المرة بهجوم حقيقي وليس مُختلقًا؟ ماذا سيكون رد الولايات المتحدة؟ أو لنفترض أن الحوثيين ركزوا هجماتهم على منشآت النفط والمصافي السعودية؟
ربما لا تكون هذه الأحداث بمنزلة تكرار لعام 1914، لكن احتمالات المزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة لا يمكن تجاهلها. وفي هذا السياق، هل هناك ما يدعو للتفاؤل؟
ربما تمتلك إيران مفتاح الحل. فقد أعادت إدارة ترامب فتح قنوات التفاوض مع إيران بشأن الحد من طموحاتها النووية. وإذا كانت طهران تمارس بالفعل تأثيرًا حقيقيًا على الحوثيين، فما الثمن الذي يُمكن أن يُقدَّم مقابل ممارسة هذا النفوذ لتخفيف التصعيد والسماح بحرية الملاحة في البحر الأحمر؟
من المرجح أن يكون تخفيف العقوبات هو المقابل. وإذا تجاوز الحوثيون أي حدود في هجماتهم ضد السفن وجيرانهم، يمكن إعادة فرض العقوبات. والتهديد الأكبر يتمثل في إمكانية أن يكون الحوثيون شرارة لحرب إقليمية كبرى.
وللمراقب الموضوعي، كمن ينظر من كوكب آخر، فإن هذا المشهد يبدو غريبًا للغاية. كيف يمكن لمجموعة صغيرة، تكاد أن تكون طائفة دينية، أن تملك هذا القدر من التأثير المحتمل، سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا؟ وما هي السياسات أو الخيارات المتاحة للغرب لاحتواء الحوثيين أو ردعهم أو منعهم من زعزعة استقرار المنطقة بشكل أكبر؟ للأسف، ليس هناك الكثير منها.
ولا يتعلق الأمر فقط بالصواريخ والطائرات المسيّرة. فإيران تمتلك قدرات ضخمة في مجال الهجمات السيبرانية. فلنتخيل أن الحوثيين قد طوروا قدراتهم الخاصة في هذا المجال وأصبحوا يستخدمونها؟ من الصعب أن نتوقع أن تؤدي الهجمات السيبرانية المضادة ضد يمن بدائي من حيث البنية التحتية إلى أي نتائج مؤثرة.
* هارلان أولمان: هو الكاتب المميز باسم "أرنو دي بورشغريف" في وكالة UPI، ومستشار أول في المجلس الأطلسي في واشنطن، ورئيس مجلس إدارة إحدى الشركات الخاصة، والمؤلف الرئيسي لمبدأ "الصدمة والرعب". كتابه القادم، والذي شاركه في تأليفه الجنرال اللورد ديفيد ريتشاردز، القائد السابق لقوات الدفاع البريطانية، سيصدر العام المقبل تحت عنوان: "من يفكّر ينتصر: منع الكارثة الاستراتيجية".
قالوا : رجاءً توقفوا !
عن سالم بن بريك رئيس الحكومة
لعبة مطاردة الساحرات witch hunt
بين بركة الشيخ وسحر القدر
باجل حرق..!