آخر الأخبار


الجمعة 23 مايو 2025
طغيان الذاكرة لا يترك مناسبة مثل ٢٢ مايو ١٩٩٠ تمر دون أن تخبِّط على الوجدان لتوقظ تلك اللحظة المهيبة والجميلة التي استقرت فيه ، على الرغم من تقلبات الزمن وضغوطه وأوجاعه ، مع كل ما أحدثته من تصدعات في جدار ذلك الوجدان .
الرابطة الشخصية مع مثل تلك اللحظات التاريخية ، هي من أقوى الروابط القادرة على استيعاب الفعل المعاكس ، ومقاومة ارتداداته ، حتى وإن ضَرب في العمق . سيظل ٢٢ مايو ذلك الفعل الواعي الذي لا يمكن إلا أن يبقى في خانة الأفعال الكبيرة والقليلة التي أقدم عليها اليمنيون في مساراتهم التاريخية المتعثرة، بغض النظر عما صنعه به الزمن المتقلب ، وما ألحقه به من غبن وجهالة عمياء .
٢٢ مايو فعلٌ تاريخي جميل تعرض للتنمر والإهانة بتحويله من فعل رشيد ، سلمي ، توافقي إلى مسار مغامر ل"التَّغلُب" الذي أعاد صياغته بمحتوى حوّلَه من منجزٍ ، يتعملق معه الوطن ، إلى تهمة تتوارى خلفها الخيبة التي حالت دون بناء الوطن وأوصلت البلاد إلى هذه النهايات المأساوية .
ما حدث ل"مايو" هو تكرار لما حدث ويحدث لكل شيء جميل في تاريخ اليمنيين منذ أن عرّف المؤرخون اليمن بأنه بلاد السعيدة وسط محيط جغرافي غير سعيد ( وهو اليوم غير سعيد وسط محيط يصنع السعادة) ، مرورًا بما حدث مع السّد العظيم الذي أخذ اليمن بعده ينحدر من الذروة ليستقر في أحضان الفرس ، والاحباش ، والاتراك ، والمغامرين الذي تقزموا في ساحات المواجهة مع خصومهم ليجدوا في اليمن ملاذًا أكرم وفادتهم وتنكروا له ولأهله ، والمستعمرين الاجانب ، وغيرهم من شذاذ الآفاق ، وانتهاءً بما حدث مع ثورتي سبتمبر واكتوبر (وربيبتهما ٢٢ مايو) ، وبعد ذلك كل محاولات ترميم المسارات التي تُوجت بالحوار الوطني الشامل الذي خلص فيه اليمنيون إلى صيغة تفاهم لمغادرة فخ التغلب والحماقات بأنواعها المختلفة .
اليمن بلد الحكمة ؛ لكن الحقيقة هي أنه خسر الحكمة في معظم المحطات التي كان عليه أن يكون حكيمًا فيها ، ومنها هذه المحطة التاريخية الهامة التي تقاسمت فيها الحكمة والحماقة قراري الوحدة السلمية وما سمي بوحدة الدم .
لا يوجد في تاريخ الأمم ما هو أسوأ من أن يتحول حدث تاريخي مثل ٢٢ مايو من منجز إلى تهمة ، ومن بشارة إلى إدانة ، ومن منصة للتسامح والمحبة والتعايش إلى منصة للملاعنة والاتهامات ونشر الكراهية واستعراض القوة ، ومن ساحة للبناء إلى متارس للاقتتال ، ومن رافعة لبناء وطن مزدهر الى محرض لعودة عصبية القبيلة والعشيرة والعرق والطائفة ، وتكفير المختلف السياسي ... والشتات .
لنبحث عن السبب ، وسنجده يرتحل معنا ، من جيل إلى جيل ، كشاهد على أن المراحل التاريخية التي لم يستقر فيها اليمن كانت هي الغالبة ، وهي التي أورثته ثقافة الخوف والتربص والثارات والحروب ، وصارت المنتج لفخِ الحماقة ، ذلك الفخ الرهيب الذي راح يسقط فيه كل شيء جميل تصنعه الحكمة . ولطالما تضاعف التأثير السلبي لتناوب هذه الثنائية - الحكمة والحماقة - مع كل كارثة يتعرض لها هذا البلد ، لا سيما ونحن اليوم أمام أكبر كارثة وجودية لا يمكن مواجهتها بالملاعنة ، أو بالخفة التي صبغت الثقافة السياسية ، والتي لا زالت تفعل فعلها في التعاطي مع حقائق الحياة.
الطريق الى بناء وطن مستقر يبدأ باجتثاث الثقافة التي جعلت من الحماقة فخًا لكل هدف جميل تنتجه الارادة الحكيمة ، وتتمثل الارادة الحكيمة اليوم في هزيمة المشروع الامامي الانقلابي التصفوي ، وتحقيق السلام العادل ، وضمان حق الناس المباشر في تقرير خياراتهم السياسية دون وصاية من النخب .
الوحدة المغتصبة والانفصال المغرر به!
فخ الحماقة الذي طالما أبطل فعل الحكمة
سبتمبر أهم؟!
انتهازيون بيافطات مختلفة
السعودية: السلام بأي ثمن..الحوثي: انتظار المراضاة..الشرعية: … !!!
المجلس الرئاسي اليمني... تحدّيات السيادة والمصالح