محمد مصطفى العمراني

من القصص التي عشتها ولا أنساها أنني في بداية أيام دراستي بالجامعة وتحديدا في العام 2000م كان لي زميل إذا سمع نباح كلب تغير لونه وساء حاله، كأنه قد هجم عليه عفريت من الجن، فسألته: 
_ أنت إيش حكايتك مع الكلاب؟! 
_ تصدق أنني خسرت زوجتي ووظيفتي وتم ترحيلي من بريطانيا بسبب كلب
_ يا لطيف مش معقول ؟! 
_ كل من حكيت لي قصتي قال هكذا.! 
ثم روى لي قصة غريبة عجيبة سأرويها لكم. قال: 
_ كنت في برمنجهام ببريطانيا قبل سنوات فرأيت في حينا شابة لم أر مثلها في حياتي فأحببت التعرف عليها فأقتربت من كلبها وأبديت استغرابي وتصنعت الذهول فسألتني: 
_ " وات هابيند" يعني ماذا حدث؟ 
_ هذا الكلب اللطيف يشبه كلبي الذي تركته في اليمن، لقد أردت أن آتي به إلى هنا لكنهم رفضوا أن يصعد معي الطائرة فودعته وقلبي قد أنفطر. 
وأضفت: 
_ يا إلهي كأنه هو فلا يوجد مثل هذه الكلاب الرائعة كثيرا، أهنئك على هذا الكلب المتميز.
أبدت فرحها بإشادتي بكلبها وحينها أعطيته قطعة شوكلاته ألتهمها بسرعة " حار ونار بجثته "، ثم طلبت منها بلطف أن تسمح لي بأن ألتقط صورة معه. فسمحت بكل سرور.

وهكذا صار كلبها طريقي لقلبها، فقد كنت كلما رأيته هرعت إليه  أتحسسه بلطف، ثم أهديه الشوكلاته وقطع اللحم، وأسألها عنه كأنه ابني الصغير الذي يتربى لديها.!
وتوطدت علاقتي بها بفضل الكلب، حتى خرجت مع كارولين للنزهة برفقة جورج الكلب، ولعبت معه، ثم لعبنا سويا، ثم ذهبنا للعشاء عدة مرات والكلب ثالثنا، ثم صارحتني بأنني الإنسان الوحيد في العالم الذي صارت تأتمنه على كلبها، وهذا البوح أكبر من اعترافها لي بأنها تحبني بكثير.!

ثم تزوجنا وألتقطنا صورة لنا والكلب يتوسطنا كأنه ولي أمر كارولين.! 

بعد ذلك عملت في مصنع الأدوية الذي يمتلكه والد كارولين براتب خمسة ألف جنيه إسترليني، ثم زادت غيرتي من الكلب الذي يشاركني حبها وقلبها ونويت له الشر، ففكرت وقدرت ثم فكرت بكيفية التخلص منه بطريقة نظيفة لا تترك أثرا ؟! 

وقد ارتكبت خطأ كبيرا حين صارحت صديقي الجزائري بنيتي قتل الكلب فزودني بحبات دواء أكد لي أنها ستقضي عليه خلال أشهر، وبدأت أدس له حبات السم البطيء في الشوكلاته واللحم، وبدأ يمرض ويضعف فذهبت به إلى الطبيب الذي أجرى له فحوصات شاملة، وأكد لها بأن هناك من يدس له سم بطيء المفعول، ولأنني غبي فقد تركت علبة السم في جيبي فعثرت عليها ثم سلمتها للطبيب الذي تأكد فعلا أنني الجاني وحرر تقريرا للشرطة بالحادثة، وحين عدت كانت الشرطة بانتظاري فألقوا القبض علي.
ولحسن حظي كان الضابط الذي حقق معي في البداية من أصل عربي مغربي فنصحني بأن لا أكذب حتى لا أسقط من عين زوجتي ولكن قال لي: 
_ قل: حبي الكبير لزوجتي وغيرتي عليها دفعتني لأن أعطي الدواء للكلب حتى تذهب به للمستشفى ويظل هناك ويخلو لي الجو مع زوجتي بعض الوقت، لأنني لا أستطيع أن ألاعبها بوجود الكلب، وأن هذا مرض في فأنا أحترم الكلاب وأقدسها جدا ولا أستطيع أن أفعل شيئا بوجودها.
كما نصحني بأن أعتذر منها ومن الكلب فهم يقدسون الاعتذار. 

وقد طبقت نصيحته وقلت هذا الكلام لزوجتي والشرطة وأصررت عليه وأعتذرت لزوجتي وللكلب فتم إسقاط تهم الشروع في قتل الكلب عني وخرجت من الاحتجاز، وكادت الأمور أن تعود إلى مجاريها لكن صديقي المغربي ذهب إلى الشرطة وأخبرهم أنني طلبت منه السم لقتل الكلب، وقال عني الكثير من الكلام المؤذي.
ثم ذهب إلى زوجتي وقالها الكثير من الكلام السيء عني فكانت صدمتها في كبيرة جدا، ولذا طلبت مني الطلاق، وأن يتم ترحيلي من بريطانيا.
 وتم الأمر وعدت إلى اليمن بسبب الكلب جورج عليه من الله ما يستحق.

لم تنته القصة: 
في العام 2014م عندما بدأت الحرب في اليمن عاد صديقي هذا لمراسلة طليقته البريطانية، وأخبرها أنه افتتح مستشفى خاص لرعاية الكلاب باسم كارولين وجورج، وجهز لوحة كبير عليها صورتها وصورة الكلاب جورج ثبتها مؤقتا على مدخل مبنى بصنعاء، وجاء بعدة كلاب نظيفة " يعلم الله من أين جاء بهم؟" 
 ووضع الكلاب فوق أسرة فاخرة، وأكد لها أنه يريد نقل المستشفى والكلاب إلى مكان آمن خشية على الكلاب من أن تطالهم القذائف والصواريخ.
 وقد صدقته وتحركت عند جمعيات الرفق بالحيوان وجمعت له مبلغ 100 ألف جنيه إسترليني فأخذها وانطلق للسعودية وأسس مطعما للمأكولات اليمنية، ثم انقطعت عني أخباره من حينها.