آخر الأخبار


الاثنين 19 مايو 2025
توالت على الجمهورية اليمنية إعصارات سياسية كادت أن تعصف بها منذ البداية، رياح عاتية تلاطمتها وجعلتها تتراجع كثيرًا حتى كادت أن تهوي.
مراحل عصيبة عاشها اليمنيون في أعاصير السياسة ومصالحها وتقاسمات الربح والخسارة.
في اليمن، تولدت الأحزاب ومبدأ الديمقراطية، التي استوجبت علينا أن نتعايش جميعًا تحت سقف واحد، وتحت علم واحد.
لكنها مضت ديمقراطية ناقصة، مشوهة، بحالة من الولاء القبلي والتنازع الحزبي، الذي لم يكن يومًا ولاؤه خالصًا للوطن، بل لمشروع الحزب، باختلاف توجهاته الفكرية والعقائدية.
وهذا ما ولد الشرخ الكبير في اليمن، ومن خلاله استطاعت الإمامة، بشكلها الجديد، أن تنفذ كسرطان، وبسرعة البرق، دون أن يعي الأغلب ما يحدث... وسقط الجميع.
في 2011، تداعى الجميع لإسقاط النظام، بفكرة أنه نظام فاشل وفاسد، وبالأحقاد الحزبية والمشاريع الضيقة، تناسوا "اليمن الكبير"، من أجل "يمنهم الصغير"، الذي لم يستطيعوا حتى حمايته من براثن الغش والمكايدات.
لست هنا لمحاكمة تلك الحقبة، لكن ما تلاها كان انحدارًا سياسيًا مروعًا، أثبت أن الأحزاب اليمنية – بجميع أقسامها – لم تكن ذات وعي سياسي، ولا عقل جمهوري قادر على إدراك المخاطر.
فحدثت الفاجعة الكبرى، وظهرت الوحوش من داخل المشهد، وأسقطوا العاصمة والمحافظات الواحدة تلو الأخرى، بيد من هو أقذر من كل شيء، وبيد تاريخ غابر عاد والتهم الجميع.
فأصبح الشعب في مهب الريح، وضاعت الدولة والأحزاب، وانهار كل شيء في غمضة عين.
استفادت الإمامة الجديدة من غبائهم، وانطلقت تمزق كل شيء، ولن تتوقف، بل ماضية حتى إنهاء ما تبقى، لتتربع على أطلال الوطن، وتُجبر الجميع على اللطم على ما تبقى.
واليوم، يُعاد نفس الغباء، ونفس المعاول تنهال بالضرب على ما تبقى من جسد الشرعية، وقوام الدولة ورمزيتها.
ينضمون بكل قوتهم لإسقاط رمزية الدولة وهيبتها وقيادتها تحت كل المسميات، وفي كل الاتجاهات.
ولا نعلم: هل يعون ما يفعلون؟ أم يريدون ذلك؟ أم أن الدرس السابق لم يُحدث فيهم شيئًا؟
هل هم على نفس الغباء القائم؟
نعم، لدينا فساد. لدينا ضعف في أداء الدولة. لدينا مشاكل في معيشة المواطن. لدينا خلل في الوظيفة العامة. لدينا الكثير مما نريد إصلاحه، عاجلًا أو آجلًا.
لكن، هل يكون إصلاح ذلك بهدم المعبد على رؤوس الجميع؟ أن ندمر كل شيء؟!
ألا يعون أن البديل لن يقبل بهم، ولو بذلوا أضعاف ما هم عليه؟
وسيعيدهم الحوثي إلى خانة "الزنابيل" دون تردد.
تعلموا الدرس، ويكفينا غباء.
راجعوا الماضي، وادعوا لصلاح الحاضر.
طالبوا بإصلاح الخلل في مجلس القيادة. ادعموا الحكومة، وفرّوا لها بيئة للعمل.
طالبوا بالإصلاح السريع، دون أهداف خبيثة أو مآرب حزبية ضيقة.
جميعنا مستاؤون، لكننا لن نهدم بيتنا لصالح الحوثي.
سنتمسك بشرعيتنا وقيادتنا، وسنواصل حثّهم على إصلاح الوضع، وسننبذ الأبواق الناعقة التي تعمل لأهداف مشبوهة.
لدينا شرعية لا تزال تحظى بدعم العالم والإقليم، ولدينا تحالف يؤمن بقضيتنا منذ سنوات، ولم يكلّ أو يملّ في الدفاع عنها.
وما علينا اليوم إلا أن نوقف هذه الأصوات غير النظيفة، وأن نشدّ العزم لدعم مجلسنا القيادي، تارة بالنصح، وتارة بالعهد على استعادة وطننا.
امضوا إلى الأمام، ولا تقعوا في أخطاء الماضي.
وليكن "أمس" درس "الحاضر والمستقبل".
والله من وراء القصد.
من قلب بغداد.. قال اليمن كلمته للتاريخ
شعارات لا يهمها نهر الدم
إيران: بين لغة المذهبية ولغة السياسة!
ظلٌّ هاربٌ من شمس صنعاء.. في حضرة الجوع والندم
لصالح من نهدم المعبد؟
اليمن بين خطابي بن سلمان والعليمي … خلطة ستوكهولم + خارطة طريق