آخر الأخبار


الاربعاء 14 مايو 2025
من القصص التي عشتها ولا أنساها أنني ذهبت مرة إلى مقيل أحد الأصدقاء وبدأنا نتحدث، وقد أعجبني حديث أحد الأشخاص فسألتهم عنه فقالوا:
_ هذا عبد الكريم حسن ما تعرفه؟!
_ لا ما أعرفه.
وقد وددت أن أتعرف عليه لكنني أحجمت بعد أن قصوا علي بعض قصصه العجيبة المضحكة.
قالوا:
هذا عبد الكريم حسن كان كلما خزن بالقرية عمل لنا نثرة نجلس نصحك عليها أسابيع.
مرة خزن فقال له عمه:
_ عبد الكريم خذ بوري المداعة وإلقط لفوقه جمر من المطبخ.
أخذ عبد الكريم البوري وخرج.
مرت نصف ساعة، ثم ساعة وساعات وعبد الكريم ما رجع.
خرجوا يبحثون عنه فلم يجدوا له أثر
في الصباح وجده الناس يمشي حافيا وقد كاد يصل إلى سوق الربوع
صاحوا فيه:
_ خبير وين راح بالبوري؟!
_ رايح ألقط جمر للبوري.
ومرة أيام مراهقته خزن وقام ركب فوق الحمار ورفع عصا جده كأنها سيف وانطلق إلى البوسنة يقاتل ضد الصرب ولم يتمكنوا من رده الا بعد أن كان قد تجاوز عدة قرى وهو يكبر ويصيح بالقتال.!
وضج المجلس بالضحك. حتى هو ضحك معنا حتى كاد يشترغ.
واصلوا رواية قصته:
أما هنا في صنعاء فبعد أن يتناول عبدالكريم حسن طعامه ويرتشف الشاي بالنعناع الذي يحبه حتى يبدأ بمضغ القات، وخلال نصف ساعة إلى ساعة تظهر النتيجة.
إذا كان القات من النوع الفاخر وطعمه حلو فإنه يبدو مرحا ويلعب مع أطفاله ويلاطف زوجته ويداعبها، أما إذا وجد طعم القات رديئا فإنه يبدأ بلعن بائع القات وشتمه، وحينها تدرك زوجته وأطفاله أن اليوم لن يمر بخير .!
لا يجرؤ أحد على الاقتراب من المجلس، يصمت الأطفال ويمتنعون عن اللعب أو الحديث، يغلقون التلفاز وتنزي زوجته في غرفتها مثل الفأر الخائف، ترتجف خوفا وتسأل الله اللطف والسلامة.
في الكثير من الأحيان يتطور الأمر لديه فلا يكتفي بلعن المقوت وتهديده بالويل والثبور بل يقوم بضرب الأطفال وشتم الزوجة وأهلها وتحطيم بعض أدوات المنزل، يركبه العفريت فيحول المنزل إلى ساحة حرب هو بطلها الوحيد. أما زوجته وأطفاله فإنهم سرعان ما يهربون إلى منزل الجد.!
يجمع أوراق القات ويعود إلى السوق والشرر يتطاير من عينيه، يرمي كيس القات إلى البائع الذي يعيد إليه نقوده بصمت فهو يدرك أنه مصاب بالسكري والضغط والبواسير والقولون العصبي، وكثيرا ما أفتعل مشاكل مع باعة القات وانتهي الأمر بهم في أقسام الشرطة، كثيرا ما أعتدى على بعض باعة القات ثم جاء شقيقه وحل المشكلة وحكمهم ثم أبلغهم أن لا يبيعوا لشقيقه إلا قات فاخر وإلا فسينتهي الأمر بهم إلى مشاكل لا تحمد عقباها.!
قبل أيام تذوق القات فأعجبه طعمه وبدأت النشوة تداعبه فنادى زوجته:
ـ غزالتي
لم تجب فكرر النداء:
ـ غزلاني. حبي
أدركت أن يومها سرور فالقات قد أعجبه وأنه سيتغزل بها ويقول فيها شعرا ونثرا، واصلت صمتها فمضى إليها فوجدها غاضبة فتعجب منها فقالت:
_ اليوم أنت سالي لأن القات ممتاز.
وأضافت وهي تشيح بوجهها عنه:
_ عندما لا تطعم القات تشتمني وتفرغ غضبك علينا.
أعتذر لها ووعدها أن لا يغضب عليها أبدا بعد اليوم .
في اليوم الثاني ما إن بدأ يمضغ القات حتى صاح:
ـ يا ربحة.
وأضاف:
ـ سموك غزلان وأنت ربحة.
أدركت أن القات لم يعجبه اليوم، وأن اليوم "يوم جن" ولذا تسللت وأطفالها بهدوء إلى منزل أبيها.
بعد أن ناداها مرارا بدأ يمطرها وأهلها بالشتائم المقذعة ويتوعدها بالويل والثبور ولما لم يجد منها أي رد دخل إلى غرفتها باحثا عنها فلم يجدها فأدرك أنها قد هربت هي والأطفال اتقاء لشره.
جمع القات في الكيس وقرر أن يفرغ غضبه على بائع القات الذي خدعه، مضى إلى السوق وهو يكاد يتميز من الغيظ ولكن لسوء حظه كان البائع قد أكمل بيع قاته ورحل.
لما وجد الدكان مغلقا أشتعل غضبه وأمطره بالشتائم ثم بدأ يرشق باب الدكان بالحجار، ويتوعده فتدخل أحد باعة القات وأخذ منه القات وأبدله بقات أفخر منه، حينها قرر أن لا يعود إلى منزله فيظل وحيدا وإنما سيذهب إلى منزل أقرب أصدقائه.
ذهب إليه ولكنه لم يجده في منزله فذهب إلى منزل صديقه الآخر لكنه هو الآخر غير موجود في منزله حينها قرر العودة إلى منزله.
مضى الوقت وهو في الطريق إلى السوق وبعد ذلك إلى منازل أصدقائه دون أن يجدهم، غربت الشمس وأقترب موعد أذان المغرب، عندما عاد إلى منزله صعد الدرج والظلام قد حل بها فصاحب العمارة من شدة بخله تقاعس عن إنارتها بمصباح، وصل باب الشقة فوجد زوجته وقد تكومت بالباب فأحزنه الأمر، قال في نفسه:
_ يبدو أن المسكينة نسيت المفتاح الخاص بها ولذا بقيت تنتظرني ولم تجرؤ على الاتصال بي.
وبدأ يخاطبها ويعتذر لها:
_ سامحيني يا غزلان أنت تعلمي أنني عندما لا أطعم القات يركبني ألف عفريت وما أعرف أحد، ولا رأسي من رجلي، ولذا أتفوه بكلام لا أدرك معناه ولكنك تعلمين معزتك في قلبي ومكانتك لدي ولذا لا تؤاخذيني.
لم ترد عليه فواصل اعتذاره:
_يا حبيبتي أنت عندي بالدنيا كلها فلا تغضبي مني.
_ أنت تعلمي أنني مصاب بالسكري والضغط والبواسير والقولون العصبي ولذا سامحيني أرجوك.
واصلت صمتها فرمى إليها المفتاح دون أن يقترب منها:
_ يا غزلاني خذي المفتاح وأفتحي ونتفاهم في الداخل ولك ما يرضيك.
لم تتحرك ولم تجبه فواصل حديثه وقد بدأ يغضب:
ـ الآن إذا مر أحد سكان العمارة وشاهدنا فماذا سيقولون عني؟!
وأضاف:
ـ مش حلو نتفاهم في الدرج. لنا بيت نتفاهم فيه. وإذا كنت قد غلطت عليك سوف أرضيك، لك مني ما يرضيك. حقك علي.
وخطرت له فكرة فقال:
ـ ما رأيك أعزمك للمطعم نتعشى وبعدها نمر على محل الذهب، سوف أشتري لك الأسورة التي تحلمين بها منذ مدة، ما تغلى عليك.
لم تجبه ولم تتحرك فأجتاحه شعور عارم بالخوف فقد تكون ميتة بجوار الباب، كارثة إن تكون قد أصيبت بجلطة أو ذبحة صدرية وماتت.
ناداها بصوت واهن متحشرج:
_ غزلاني تكلمي أرجوك.
ولما لم تتكلم أجهش بالبكاء وأقترب منها يتحسسها فوجد أنه كان يتحدث طيلة الوقت مع كيس قمامة كبير يعلم الله من وضعه أمام باب منزله؟!
إلى مجلس القيادة الرئاسي: التاريخ لا ينتظر المترددين
ابحث في ذاكرتك عن أغنية تستمع إليها وتتذوقها
كل ميسّرّ لما خلق له
فيروس الشهرة السريعة: نقد هادئ لعالم المشاهير الرقميين
ترمب... العودة الثانية للرياض