آخر الأخبار


الخميس 10 يوليو 2025
إنها اللعبة القديمة المتجددة، التي طالما أتقنها كثير من مشايخ اليمن في ظل الجمهورية، ولا تزال فصولها تتكرر حتى اليوم: لعبة القط والفأر، ولكن على الطريقة القبلية.
فكلما أراد شيخ قبيلة أن يبتز الدولة أو يضغط لتحقيق مصالحه، حرّك أتباعه، أولئك الشباب الذين يُطلق عليهم في العُرف القبلي اسم "الجفران" — وهم أداة الفوضى المضمونة، يُدفع بهم إلى الواجهة ليفعلوا ما لا يجرؤ عليه الشيخ علنًا.
يقطعون الكهرباء، يفجّرون أنابيب النفط، يعترضون الأطقم العسكرية، يغلقون الطرقات، وينشرون الفوضى.
وعندما تتحرك الدولة، وتستنكر هذه الأفعال، يخرج الشيخ من خلف الستار، متمسّحًا بثياب الحكمة، رافعًا عقيرته:
"يا فخامة الرئيس، هؤلاء مجرد جفران... طائشون، لا يمثلوننا!"
لكن الحقيقة الصارخة هي أن هؤلاء "الجفران" لا يتحركون من تلقاء أنفسهم، بل بإيعاز مباشر أو تلويح ضمني من الشيخ ذاته.
هم ذراعه التنفيذية حين يريد، و"كبش فداء" حين تشتدّ العاصفة.
اليوم، نعيش ذات المشهد مجددًا، في حادثة الشيخ الزايدي.
في الوقت الذي استُشهد فيه العميد عبد الله زايد، أحد خيرة رجال الدولة، في كمين غادر، كان الجفران الذين نفذوا الجريمة مجرد أدوات.
لكن السؤال هو: من الذي أدار هذه الأدوات؟
من وفّر لها الغطاء؟
من أطلقها لتقتل؟
ومن منحها الجرأة لتمارس جريمتها، لولا وجود مخطط أو إيحاء مسبق؟
نحن نطالب بالقصاص العادل، لا من الجفران وحدهم، بل من الرأس المدبّر.
لا نريد عبارات تبرؤ وتظاهُر بالحكمة.
الجريمة سياسية – أمنية – قبلية متكاملة الأركان.
وإن لم تتم مواجهة فكرة "الجفران" ذاتها، واقتلاعها من الوعي السياسي والقبلي، فسنظل ندور في حلقة مفرغة من العبث والابتزاز، وندفع من دمائنا ثمن مشيخة متضخمة تستثمر في الفوضى، وتربح على حساب الدولة والوطن.
القصاص للعميد عبد الله زايد حقٌّ لا يُفرّط فيه، وهو المحك الذي سيثبت إن كانت الدولة عازمة على كسر شوكة الابتزاز القبلي، أم أنها ستواصل الخضوع للعبة القط والفأر القديمة.
مع فارقٍ جوهريٍ ينبغي الإشارة إليه:
هذه القاعدة القبلية الفاسدة، فشلت مع مليشيات الحوثي الإرهابية.
فالكهنوت لا يعرف سياسة "الجفران"، بل يضرب الرأس مباشرة.
المشايخ هناك لا يتجرؤون على لعب الأدوار، لأن نهاية اللعبة معروفة سلفًا.
أما في ظل الجمهورية، فالمشايخ دلع وهلا، وفي أحضانهم تتضخم الفوضى، ويُكافأ التمرد.
أقبح أشكال الانتهاكات!
الفرق بين القبيلة اليمنية والخليجية
"الجفران" والمشايخ.. لعبة القط والفأر في النسخة القبلية اليمنية
ذروني أقتل صالح !
المهرة.. حين يتعثر القانون في شعاب الخديعة
ابتهالات