السبت 21 يونيو 2025
مرآة القوة والقدرة الدوليتين في حرب إيران- إسرائيل .. أمل التعددية القطبية يتلاشى
الساعة 10:28 مساءً
د. مصطفى الجبزي د. مصطفى الجبزي

هل يمكن في خضم هذه الحرب وغبارها المتصاعد النظر إلى واقع النظام الدولي ؟ 

إيقاع الحرب بين إسرائيل وإيران، وغياب دور فاعل لكل من روسيا والصين في هذا الصراع، يبددان أوهام نهاية الأحادية القطبية أو ظهور مرحلة تعدد الأقطاب بالمعنى الاستراتيجي والجيوسياسي.

لم تجدِ الاتفاقيات الاستراتيجية الصينية الإيرانية في تموضع الصين في إيران رغم أنها بهذه الاتفاقيات كما لو أنها اشترت إيران بأرخص الأثمان.

ولم تفد اتفاقيات إيران- روسيا حول النووي لتكون روسيا حامية للمشروع . 

 أما إسرائيل فإنها تقف على حافة سقف قدراتها العسكرية وتوكّد اعتمادها على أمريكا في رسم مستقبل إسرائيل أمنيا؛ أي وجودياً. 

لاحظو أن هذه الحرب تكشف عن محدودية الغطاء الأوروبي لإسرائيل. بل أن أوروبا خارج اللعبة ولم تعد إسرائيل بحاجة إليها ولم تبلغ أي طرف أوروبي.  

وهذا يعزز من هشاشة إسرائيل سياسياً لما بعد الحرب. 

بالمقابل، ويا لها من فاجعة للمراقب. إيران بلا حلفاء حقيقيين في العالم، رغم علاقتها بكل من الصين وروسيا. هي في الواقع أكثر عزلةً مما نتصور، وأكثر عزلةً مما تتصور هي نفسها. كانت معزولة في نفطها، ولا تبيعه إلا بطرق ملتوية، وهي عرضة لاستغلال كل من الصين وروسيا على حدٍّ سواء.

في حقيقة الأمر، يعوم النظام الإيراني في مجرة أخرى، يغرق في زمن غير الزمن خطاباً وفعلاً. هو نظام منفصل عن الواقع السياسي العالمي. لقد أجاد، طيلة هذه السنين، المراهنة على خلق الفوضى من حوله، واستهدف المجتمعات المجردة من القوة، وشعر بقوته تجاهها. يا لها من مفارقة أن يكون نظام يدّعي مناصرة المظلومين، هو أكبر ظالم لهم!

وورقة إيران القوية حتى اللحظة ليست في قصف إسرائيل. لأنها تفعل دون تغيير حقيقي في قواعد اللعبة، إنما في قصف المصالح العربية في شبه الجزيرة العربية؛ اي استهداف الممالك النفطية المجاورة، مباشرة او عبر الوكلاء وأولهم الحوثي. 

شلل المركز سياسياً وعسكرياً ينعكس على الأطراف. 

بالمحصلة، أذرع إيران بلا سند حقيقي، لا سيما ونحن نراها تتآكل واحدًا تلو الآخر. 

كان ينبغي أن ننتبه مبكرًا لمثل هذه الحقائق. على سبيل المثال، حين كانت تُفرض عقوبات أو اجراءات رادعة على الميليشيات الحوثية عبر مجلس الأمن، أو من طرف امريكا، لم تكن الدول "الصديقة" لإيران في المجلس الحاكم لهذا العالم تفعل ما يحول دون ذلك. بل أثناء القصف الأمريكي على الحوثي خرجت الصين وروسيا ببيانات إعلامية خجولة تلاحقها تهمة تزويد الحوثيين بعتاد وتقنيات ومعلومات. 

اكتفت روسيا بأن يكون دورها محصورًا في منع صدور تصريح أو قرار يدين إيران، لكنها لم تفعل أكثر من ذلك. أما ما فعلته روسيا لصالح نظام الأسد دبلوماسيًا خلال السنوات الماضية، فكان نابعًا من حسابات روسية بحتة، لا من حسابات إيرانية.

ما يزال من المبكر جدًا الحديث عن تغييرات في النظام الدولي، أو عن انتقال الهيمنة من أمريكا نحو قطب أو أقطاب جديدة.

هذه السيطرة المطلقة والهيمنة العسكرية الاسرائيلية في المنطقة تُحسب لصالح الولايات المتحدة، وهي تتجاوز قدرات ودور ومساحة نفوذ إسرائيل كليًا.

إلى الآن لم تتدخل أمريكا عسكرياً وإسرائيل ليست قادرة لا على تغيير النظام في إيران ولا على القضاء على المشروع النووي تقنياً. السلاح اللازم لذلك ما يزال امريكياً وبيد أمريكا فقط. 

الحرب الإيرانية الاسرائيلية ليست أكثر من مرآة قوة وقدرة تنظر فيها القوى الصاعدة إلى نفسها لتعرف حجمها ولتعرف ما تبقى من الشوط نحو الوصول إلى تعددية قطبية.  


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار