آخر الأخبار


الخميس 19 يونيو 2025
كتب بعض الإخوة الكرام ما يُفيد بأن سقوط النظام الإيراني سينعكس على اليمن بتمكين الحوثي من السيطرة على كامل الأراضي اليمنية.
وقد استند هذا الرأي إلى فكرتين على الأقل:
الأولى: أن السعودية شرعت منذ أربع سنوات على الأقل في التقارب مع الحوثي، وأبرمت تفاهمات معه، وتخلّت عن فكرة إزاحته، بل باتت تراه طرفًا صالحًا للتفاهم والاتفاق والالتزام.
أما الفكرة الثانية: فهي أن القوى الإقليمية تبحث عن طرف قوي يفرض سيطرته على اليمن ويضمن مصالحها، دون أن تُعنى كثيرًا بتفاصيل حكمه أو تعاطيه مع الداخل.
وقد ذهب بعضهم إلى استحضار حادثة تاريخية تتمثّل في تمكين باذان الفارسي من حكم صنعاء، بعد أن استتب الأمر للدولة في المدينة في عهد الرسول. لكن هذا قياس فاسد، لأنه يُغفل تحوُّل مفهوم الدولة الوطنية، والتغيرات العميقة في وعي الناس بالهويات الحاكمة.
بل إن من مفارقات هذا الصراع الجاري أن بعض الناس بات يلمز الحوثي نفسه بأنه "فارسي"، ويرفض "يمنيّته"، كما هو الحال مع كثير من الهاشميين الذين لا يعرفون غير اليمن أرضًا ومنشأ. لقد أصبحت معايير "اليمننة" أكثر تعقيدًا، وتعكس صراعًا هويّاتيًا عميقًا.
نعود إلى الفرضية الأصلية التي كنت قد عقّبت عليها سابقًا، وأرى من المفيد إعادة طرحها هنا مع إضافة بعض العناصر:
برأيي، هذا افتراض يتجاهل أن التقارب السعودي مع الحوثي لم يكن لأن الحوثي هو الحوثي، بل لأنه مرتبط بإيران، وهو جزء من سياسة السعودية في مهادنة الطرفين - إيران والحوثي - ضمن خطوات تهدف إلى احتواء تداعيات هذا الصراع بشكل مؤقت، بالتوازي مع تعزيز قدراتها الدفاعية، وبناء منظومات أمنية وتحالفات أوسع وأكثر شمولًا. أي أن هذا التقارب تكتيكي بامتياز.
ثم إن من يطرح هذا الافتراض يدرك جيدًا مدى تدخل السعودية في تفاصيل المشهد السياسي اليمني، إلى درجة أنها - بشكل أو بآخر - هي من رعت تشكيل كتلة مناهضة للحوثي، عبر استثمار دبلوماسي واقتصادي وسياسي ليس بالهين.
الحقيقة التي يغفل عنها أصحاب هذا الافتراض هي أن الحوثي لا يمتلك القدرة العسكرية ولا السياسية للهيمنة على اليمن ليكون بديلاً سريعًا، خاصة في ظل تعقيد المعادلة اليمنية، التي، وللأسف، لم تعد بيد طرف إقليمي واحد.
وإذا نظرنا إلى سلوك السعودية في التعامل مع قوى محسوبة على محور إيران، فثمة تجربة يمكن الاستئناس بها، وهي تجربتا سوريا ولبنان.
فرغم هيمنة حزب الله على لبنان وإضعافه القوى الأخرى، لم تمنحه السعودية ما كان يطلبه من اعتراف أو موارد.
والحوثي في وضع مشابه لحزب الله من حيث موقعه السياسي على الساحة الدولية، بل إن وضعه ربما أصعب، لأن القوى المناوئة له في اليمن ليست بالضعف الذي كانت عليه بعض القوى اللبنانية.
قد يكون إضعاف إيران هو التمهيد الآمن لطريق السلام في اليمن.
ماذا يعني سقوط إيران؟
قوة من ورق.. هكذا سقطت الأسطورة الإيرانية
خامنئي قد يصطاد اسرائيل بشباك الوطنية الإيرانية … انفعال ترامب والعرب
بين مطرقة إيران وسندان إسرائيل: متى يسترد العرب قرارهم؟