آخر الأخبار


الخميس 29 مايو 2025
شهدت الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) بداية مواجهة حاسمة لخرافة الكهنوت الزيدي الهاشمي، وذلك من خلال جهود إمامين عظيمين: الإمام محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود. تركزت هذه المواجهة على محاربة الشرك والبدع، وتصحيح التوحيد، ونشر السنة النبوية الشريفة.
نشأة الدعوة وتحالف الإمامين
في عام 1157 هجريًا (1744 ميلاديًا)، كان الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن حاكمًا للدرعية، وهي مدينة حصينة وذات مكانة. كانت الدرعية تتميز ببيئة صالحة لم تنتشر فيها المخالفات الشرعية والبدع بشكل واسع، مما جعلها مهيأة لاستقبال دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب. كان الشيخ قد تعرض للمضايقات في منطقته الأصلية بسبب دعوته للتوحيد، فتوجه إلى الدرعية.
عند وصول الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية، استقبله الإمام محمد بن سعود في بيت ابن سويلم بترحاب كبير، قائلًا: «أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعز والمنعة». فرد الشيخ مبشرًا الإمام: «وأنا أبشرك بالعز والتمكين، وهذه كلمة لا إله إلا الله، من تمسك بها وعمل بها ونصرها مَلك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم».
شروط البيعة وتأسيس الدولة
أبدى الإمام محمد بن سعود تأييده لدعوة الشيخ، مشددًا: «يا شيخ إن هذا دين الله ورسوله الذي لا شك فيه، وأبشر بالنصرة لك ولما أمرت به والجهاد لمن خالف التوحيد». لكنه اشترط شرطين: الأول ألا يرحل الشيخ عنهم بعد النصر والتمكين، والثاني ألا يُلغى "القانون" (الدخل الذي يجمعه من أهل الدرعية في وقت الثمار). أجاب الشيخ بن عبد الوهاب الشرط الأول بقوله: «أيها الأمير أما الأول فابسط يدك الدم بالدم والهدم بالهدم»، وفي إشارة إلى الوحدة والثبات. أما الشرط الثاني، فقال: «فلعل الله أن يفتح لك الفتوحات، فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منها».
على إثر ذلك، بايع محمد بن سعود الشيخ محمد بن عبد الوهاب على نصرة دين الله ورسوله، والجهاد في سبيل الله، وإقامة شرائع الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. تحولت الدرعية بذلك إلى مركز لنشر الدعوة الإصلاحية، وتوافد عليها طلاب العلم، الذين أصبحوا أنصارًا للدعوة وللدولة. بدأ الشيخ في إرسال الرسائل إلى أمراء البلاد المجاورة وزعماء القبائل، يدعوهم إلى إحياء الدين ومحاربة البدع، خاصة البدع الزيدية.
امتداد الدعوة وتحدياتها
وصل نفوذ الإمام محمد بن سعود، المؤسس الأول للدولة السعودية، إلى مكة، وبدأ في إنهاء نفوذ الأشراف الهاشميين وعقيدتهم الزيدية الشيعية.
لكن هذا التوسع واجه تحديات كبيرة، أبرزها حملة محمد علي باشا التي أدت إلى سقوط الدرعية عام 1818 ميلاديًا.
على الرغم من سقوط الدولة السعودية الأولى أربعون عاما بعد حملة محمد علي باشا، استمرت الدعوة السلفية المباركة في التوسع والانتشار لمائة عام تالية.
أكمل الملك عبد العزيز آل سعود، المؤسس للدولة السعودية الحديثة، ما بدأه الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب. ففي عام 1925 ميلاديًا، أعاد توحيد أجزاء الجزيرة العربية، وفي عام 1932 ميلاديًا، أعلن تسمية الدولة الحالية "المملكة العربية السعودية"، لتشمل نجد والحجاز والمخلاف السليماني.
تأثير الدعوة على اليمن وآفاق المستقبل
يتجلى أثر هذه الدعوة في اليمن، حيث كان يمكن لتغلغلها أن يغير مجرى التاريخ.
لو أن الملك عبد العزيز توغل أكثر في اليمن، أو لو حالف التوفيق ثوار 26 سبتمبر من علماء وطلبة علم في الثلاثينات لإسقاط الحكم الزيدي الإمامي بالتحالف مع الملك عبد العزيز وعلماء السلفية، لكان وضع اليمن مختلفًا تمامًا. هذا كان سيوفر على اليمن عشرات الحروب التي نشبت خلال سبعة عقود بسبب عدم حسم موضوع الفكرة الزيدية والطموحات الهاشمية وصراع المشاريع والأحزاب الأيديولوجية القومية واليسارية والإسلامية.
اليوم، لا يزال الطريق الوحيد لاستعادة عافية اليمن هو استعادة راية التوحيد والتمسك بالسنة، تجديدًا لدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب السلفية بحيثياتها العصرية، وإسنادًا ورعاية من قيادة المملكة العربية السعودية، دولة التوحيد وخادمة الحرمين الشريفين ورائدة النهوض العربي والإسلامي في عالم اليوم.
تمثل المملكة العربية السعودية اليوم النسخة العصرية للدولة الأموية ويمكن من خلالها أن يتم تبني مشروع علمي ضخم لتصحيح الانحراف وبذور التشيع في الموروث السني .
من يفجر مخازن الأسلحة؟
عودة اليمن إلى واجهة الاهتمام الدولي
الكلب العائد والشيخ الممسوح: قصة غريبة من قلب قرية أكمة العقاب
سلطان البركاني: رئيس مجلس "القهقهة" الوطني