الاثنين 29 ابريل 2024
هل هناك قيم عالمية يشترك فيها كل البشر؟
الساعة 07:25 مساءً
حسين الوادعي حسين الوادعي

 

من المتفق عليه أن هناك قيماً محلية تشكل خصوصية كل مجتمع على حدة، لكن هل هناك أيضاً قيم عالمية تتجاوز المجتمعات والثقافات؟

 

الجدل قائم.. لكن الفلسفة التي نادت للمرة الأولى بالقيم البشرية المشتركة هي فلسفة التنوير في القرن الثامن عشر في أوروبا.

 

قامت فلسفة التنوير على قدرة الإنسان على التفكير العقلي الصحيح واختيار مصيره منفرداً دون حاجة لأي وصاية خارجية.

 

ومن مبدأ “حاكمية” العقل ظهر مبدأ آخر هو الحرية.

 

فلكي يستطيع الإنسان ممارسة التفكير وقيادة حياته الخاصة يجب أن نضمن لعقله الحرية الكاملة في المعرفة والتفكير، فلا يمكن للعقل أن يعمل دون التخلص من الخوف والتسلط.

 

ثم نبعت قيمة أخرى من قيمتي العقل والحرية هي المساواة.

 

ولأن الناس يملكون نفس القدرات العقلية الأساسية إذا ضمنا لهم التحرر من الخوف والتزييف والتضليل، فإن المساواة في العقل يقتضي أن الناس متساوون في الحقوق والحريات والالتزامات، لا يجوز التفريق بينهم على أساس الدين أو الجنس أو العرق أو الوضع الاجتماعي.

 

بل أن المساواة عند بعض الفلاسفة كان المبدأ الأول الذي قاد إلى بقية القيم البشرية العظمى.

 

 فقد رأى فلاسفة التنوير أن الإنسان خُلق في “حالة الطبيعة”، وهي الحالة الأولى التي يتساوى فيها كل البشر، فالإنسان يولد وهو يحمل حقوقاً أساسية لا يجوز التفريط بها، سميت فيما بعد بحقوق الإنسان، وأهمها حق الحياة، وحق الحرية، وحق الحماية من الأذى، والدفاع عن النفس، وحق رعاية النفس وتطويرها.

 

أستطيع القول إن العالم اليوم صار يؤمن بقيم عالمية غير قابلة للإلغاء، أو الإهمال، ومن هذه القيم:

 

 الحرية (بما في ذلك حرية التدين، وحرية التنقل والحريات الشخصية والمدنية والسياسية)، والمساواة، وحقوق الإنسان، والعقلانية (بما في ذلك العلمانية باعتبارها وسيلة لعقلنة العالم ونزع السحر عن الظواهر)، والفردية (كل شخص مستقل بذاته وغير خاضع لسلطة العائل، أو القبيلة، أو الدولة في قراراته الشخصية)، والتعددية في أبرز تجلياتها الديمقراطية (كأنجح وسائل حل النزاعات، واحترام كل الآراء).

 

هذه القيم لم تظهر فجأة أو تنزل من السماء، ولكنها نتيجة تاريخ طويل من التطور نحو الأفضل.

 

صارت هذه القيم مزروعة في ضمائرنا حتى أن أشد الأنظمة والحركات استبداداً واحتقاراً للإنسان لا تجرؤ اليوم على رفض هذه القيم العالمية علناً.

 

وعندما تتعارض القيم العالمية مع أي قيمة محلية، أو سلوك خاص بثقافة معينة، فإن المرجعية والأفضلية هي للقيم العالمية لأنها قيم عليا يشترك فيها كل البشر، لأنها تعبر عن المشترك الأعظم الذي يجمع الإنسان كإنسان.


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار